تحالف البعثة األممية وقادة الصراع الليبي

أعلن ممثل أمني عام األمم املتحدة الخاص، ورئيس البعثة األممية في ليبيا، السنغالي عبد الله باتيلي، استقالته من منصبه، أول من أمس الثالثاء. وقد يخيل للمتابع أنه أعلن ضمنيًا فشل مبادرته، وأن قادة الصراع في ليبيا برهنوا على قدرتهم مجددًا على عرقلة أي خيارات أو تصورات في شكل أي مبادرة قد تقصيهم من املشهد وتزيحهم عن كراسيهم. لقد باتت ليبيا جزءًا من خريطة الصراع الدولي، بل تزداد أهميتها يومًا عن يوم في هذه الخريطة، خصوصًا مع وضوح مالمح وجود متصاعد ألكبر قطبني، واشنطن وموسكو، وتراجع، وربما اختفاء، لفاعلية أطراف إقليمية أخرى كانت تصريحات مسؤوليها، إلى وقت قريب، متاخمة لكل التفصيالت في مشهد أزمة البالد. ويتصل كل طرف إقليمي بأحد القادة املحليني. وتستضيف عواصم تلك الدول اإلقليمية، بالتنسيق مع البعثة األممية، اجتماعات ولقاءات حلفائها املحليني، رافعة عنوان التوافق وتقريب وجهات النظر. املتابع ملسار عمل البعثة األممية في ليبيا، يرى أنه يتجه في خط واحد، وهو تعزيز الفوضى وزيادة أقطاب الصراع. فبعد أن كان الحوار ثنائيًا، في عهد برناردينو ليون عامي 2014 ،2015و بني مجلس النواب واملجلس األعلى للدولة، انتهى إلى خمسة قادة في عهد باتيلي، والذي رسخهم في املشهد بصفة «أساسيني» كما وصفهم. وهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس املجلس الرئاسي محمد املنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية املؤقتة عبد الحميد الدبيبة، إلى جانب رئيس املجلس األعلى للدولة محمد تكالة، واللواء املتقاعد خليفة حفتر. لم يفشل مسار العمل األممي في ليبيا، بل نجح، وكل مبادرة ُمّررت كانت تمثل مرحلة للوصول إلى رسم خريطة لتشكيل طبقة سياسية راسخة، وهو ما انتهت إليه مبادرة باتيلي. فقد أبرزت املبادرة األخيرة، في ظاهرها، تمنعا وتعنتًا حيال مساعيه إلى الوفاق والتقارب، لكن الوجه اآلخر لها أن هؤالء القادة الخمسة، كانوا في توافق تام وانسجام، لتحقيق غرض كانت تهدف إليه تلك املبادرة. صحيح أن أحدًا ال يعرف ما تخطط له أيادي ترسيم مستقبل البالد، عبر املبعوثني األمميني املقبلني، لكن ما أصبح قناعة وشعورًا راسخًا أن هذه البعثات، وقادة الصراع، وجهان لعملة واحدة. وقد تختلف املصالح، فهي ضيقة محدودة عند قادة أطراف الصراع، واستراتيجية وعميقة عند األيادي التي توجههم. لكن النتيجة، في النهاية، أن املظهر ال ينبئ باملخبر.