العقوبات األميركية ال تبدل سلوك نظام األسد
أقر مجلس النواب في الكونغرس األميركي، أول مـــن أمــــس الـــثـــاثـــاء، قـــانـــون الـكـبـتـاغـون 2، لـــفـــرض عـــقـــوبـــات إضـــافـــيـــة عـــلـــى الــنــظــام الـــســـوري وأركــــانــــه، حــيــث لـــم يــــردع الــقــانــون األول هــــذا الـــنـــظـــام عـــن تــصــنــيــع املــــخــــدرات، خــصــوصــًا الــكــبــتــاغــون، وتــهــريــبــه إلــــى دول املـحـيـط. ويـمـنـح الــقــانــون الـجـديـد الحكومة األميركية، صاحيات أوسع لفرض عقوبات عـلـى الـنـظـام الــســوري وحـــزب الــلــه اللبناني وشبكاتهما وجميع من ينشط أو ينخرط في االتـجـار بمخدرات الكبتاغون أو تصنيعها أو تهريبها، وفقًا للتحالف األمـيـركـي ألجل ســوريــة واملـجـلـس الــســوري األمــيــركــي. وقــال مــعــاذ مـصـطـفـى، املــديــر الـتـنـفـيـذي للمنظمة الــســوريــة لـــلـــطـــوارئ، وهـــي مـنـظـمـة أمـيـركـيـة سورية مقرها واشنطن، لـ«العربي الجديد»، إن «الــقــانــون الــجــديــد بـعـد مــــروره مــن غرفة الـــــنـــــواب يـــجـــب أن يـــمـــر أيــــضــــًا فـــــي مـجـلـس الشيوخ، ثم يجب مصادقة الرئيس األميركي جو بايدن عليه ليصبح نافذًا». وكـــان بــايــدن صـــادق عـلـى قــانــون الكبتاغون 1 ملــكــافــحــة مــــخــــدرات نـــظـــام األســـــد وحـلـيـفـه حـــزب الــلــه، نـهـايـة ،2022 وذلــــك بـعـدمـا مـــرره الـــكـــونـــغـــرس بـــغـــرفـــتـــيـــه، الــــنــــواب والـــشـــيـــوخ. وفـرضـت الــواليــات املتحدة بموجب القانون عقوبات على كيانات وأشـخـاص مـن النظام أو مــرتــبــطــن بــــه، عــلــى خـلـفـيـة تـــورطـــهـــم في تجارة املـخـدرات. لكن املنظمات السورية في الـواليـات املتحدة وجـدت أن مفاعيل القانون الـــســـابـــق لـــم تــكــن مـــجـــديـــة. وخـــــال الــســنــوات املــاضــيــة، أصــــدرت اإلدارة األمـيـركـيـة العديد مــــن الــــقــــوانــــن الــــتــــي تــــفــــرض عـــقـــوبـــات عـلـى النظام السوري وعلى الكيانات واألشخاص املتعاونن معه في العالم، لعل أبرزها قانون قيصر، الذي دخل حيز التنفيذ منتصف عام .2020 وفرضت اإلدارة االميركية، وفقه، حزم عــقــوبــات عـلـى شـخـصـيـات أمـنـيـة وسياسية وعــســكــريــة فـــي الـــنـــظـــام الــــســــوري، وكــيــانــات مرتبطة أو متعاونة معه، بيد أن بنية النظام الصلبة لــم تـتـأثـر بمفاعيل هـــذا الــقــانــون، إذ واصـــــل ســيــاســة الــتــعــنــت ورفـــــض أي مــســاع أممية لتنفيذ القرار الدولي 2254 الـذي رسم خريطة حـل سياسي للقضية الـسـوريـة. كما
يمنح قانون الكبتاغون 2 واشنطن صالحيات أوسع لفرض عقوبات
أن مجلس النواب األميركي أقر مشروع قانون «مــنــاهــضــة الــتــطــبــيــع مـــع نـــظـــام األســــــد» في شباط/فبراير املـاضـي، بعد موجة التطبيع العربي مع هذا النظام في .2023 وعقب الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية في فـبـرايـر ،2023 أقـــر مجلس الــنــواب األمـيـركـي،
مشروع قانون يهدف إلى مراقبة آلية إيصال املــــســــاعــــدات لـــلـــمـــتـــضـــرريـــن مــــن الـــــزلـــــزال فـي سـوريـة، ومنع النظام مـن استغالها. ولكن عـــلـــى أرض الـــــواقـــــع، حـــقـــق الـــنـــظـــام مـكـاسـب سياسية واقتصادية من الـزلـزال، ولـم تصل املساعدات التي تدفقت إليه ملستحقيها. وقــــلــــل مـــديـــر وحــــــدة الــــــدراســــــات فــــي مــركــز «أبعاد» محمد سالم، في حديث مع «العربي الـــجـــديـــد»، مـــن أهـمـيـة اإلجـــــــراءات العقابية التي تصدر بقوانن فـي الــواليــات املتحدة ضــد نــظــام األســــد، مـعـربـًا عــن اعــتــقــاده بـأن لها أثــرًا رمـزيـًا فقط. ورأى أن األثــر الفعلي تـــتـــفـــاوت درجــــاتــــه بــحــســب الــــتــــزام اإلدارة األميركية بهذه القوانن. ومنذ بدء الثورة السورية ضد نظام األسد في ،2011 فرضت اإلدارات األميركية املتعاقبة عقوبات على هذا النظام، بدأت مع األشهر األولى للثورة، حيث فـرضـت إدارة الرئيس األسـبـق بــاراك أوبــــامــــا عـــقـــوبـــات عـــلـــى األجــــهــــزة األمـــنـــيـــة، وجمدت كافة األصـول السورية الحكومية، ومـنـعـت الـتـصـديـر إلـــى ســـوريـــة واســتــيــراد الـنـفـط مـنـهـا. كـمـا أدرجـــــت واشــنــطــن خـال سنوات الثورة العديد من أركان النظام في الـقـائـمـة الـــســـوداء، وفــرضــت فــي عـــام 2017 عقوبات على 18 مسؤوال عسكريًا وسياسيًا فــــــي الـــــنـــــظـــــام الـــــــســـــــوري، بــــعــــد تـــحـــقـــيـــقـــات أجـرتـهـا عـــام 2016 منظمة حـظـر األسلحة الكيميائية، الــتــي أكـــدت اسـتـعـمـال النظام األسـلـحـة الكيميائية عـامـي 2014 .2015و كــذلــك فــرضــت دول االتـــحـــاد األوروبــــــي بن عـامـي 2011 ،2024و العديد مـن العقوبات على نظام األسد، وعلى الشركات والكيانات املتعاونة واملرتبطة بــه. وفــي الـسـيـاق، قال كــاتــب ســــوري مـقـيـم فــي دمــشــق، طـلـب عـدم ذكـــر اســمــه، لـــ«الــعــربــي الــجــديــد»، إن «بنية النظام لم تتأثر بالعقوبات الغربية، بل زاد الحصار مـن ثـــروات أركـانـه خـال السنوات املــاضــيــة». وأضــــاف: «املـــواطـــن البسيط هو من يكتوي اليوم بهذه العقوبات». وأعـرب عـــن اعــتــقــاده بـــأن الــعــقــوبــات «غــيــر مجدية على اإلطــاق. وقـد رأى العالم أن النظام لم يتراجع ولم يبد أي ليونة سياسية، بل على الــعــكــس». وشــــدد عـلـى أن «الــنــظــام استفاد مـــن هـــذه الــعــقــوبــات فـــي إطـــالـــة عــمــر األزمـــة السورية ومن ثم بقائه في السلطة». إلــــى ذلـــــك، بــــن الـــبـــاحـــث االقـــتـــصـــادي يــاســر الـحـسـن، فــي حـديـث مــع «الــعــربــي الـجـديـد»، أن «قــــــوانــــــن الــــعــــقــــوبــــات األمــــيــــركــــيــــة عــلــى ســـوريـــة تـسـعـى عــــادة لـلـضـغـط عــلــى الـنـظـام وتقليل قـدرتـه على الـقـيـام بأنشطته املالية واالقــتــصــاديــة». وتـابـع أنــه «مــع ذلـــك، يعاني املدنيون واالقتصاد السوري بشكل عام من تأثيرات سلبية كبيرة نتيجة هذه العقوبات، فقد يؤدي تقييد الوصول إلى املـوارد املالية والـــتـــجـــاريـــة إلــــى تــضــخــم األســــعــــار، ونــقــص السلع األسـاسـيـة وزيـــادة مـعـدالت البطالة». لكن الباحث االقتصادي خالد تركاوي، رأى في حديث مع «العربي الجديد»، أن العقوبات الـــغـــربـــيـــة عـــمـــومـــًا «تـــســـتـــهـــدف شــخــصــيــات ومــؤســســات مــحــددة فــي الــنــظــام، ومـــن ثــم ال تأثير لها على الناس، لكن النظام جعل منها شماعة يعلق عليها فشله».