Al Araby Al Jadeed

باتيلي يرفع الراية البيضاء

استقالة غير مفاجئة لثامن مبعوث أممي في ليبيا انضم عبد اهلل باتيلي إلى قائمة المبعوثين األمميين الذين عجزوا عن تحقيق اختراق في األزمة الليبية، ما دفعهم لالستقالة

- طرابلس ـ أسامة علي نيويورك ـ ابتسام عازم

عــلــى وقــــع الــتــحــ­ديــات املـسـتـعـ­صـيـة في لــيــبــي­ــا، قـــــدم املـــبـــ­عـــوث األمـــمــ­ـي إلــــى هــذا البلد، السنغالي عبد الله باتيلي، أول من أمس الثاثاء، استقالته من املنصب، لــأمــن الــعــام لــأمــم املــتــحـ­ـدة أنطونيو غـوتـيـريـ­س، الـــذي أعـلـن قبولها. ويترك باتيلي، الذي عينه غوتيريس باملنصب فـــي سـبـتـمـبـ­ر/أيـلـول ،2022 إرثــــا ثقيا لــخــلــف­ــه، مــشــابــ­هــا ملـــا تـــركـــه أســـافـــ­ه، مع استعصاء الحل الليبي في كل املراحل بعد ثــورة ،2011 مـن دون أن يتمكن أي مـــبـــعـ­ــوث أمــــمـــ­ـي، وعــــددهـ­ـــم مــــع بـاتـيـلـي 8، بــاإلضــا­فــة إلـــى األمـيـركـ­يـة ستيفاني ولـيـامـز الـتـي شغلت املنصب بـاإلنـابـ­ة، من إحداث اختراق في جدار األزمة. لكن باتيلي فشل في تحقيق أي من مبادراته، ولم يتمكن من عقد طاولة حوار واحدة، وهــو يـتـرك ليبيا مــع مـسـار سياسي ال يــتــحــر­ك إلــــى مـــكـــان، ووضــــع اقــتــصــ­ادي مـحـفـوف بــاملــخـ­ـاطــر، وتــصــاعـ­ـد مخاطر األمــن، في وقـت عـادت الـواليـات املتحدة لتجدد انخراطها في هذا البلد بموازاة الــتــغــ­لــغــل الـــــروس­ـــــي. وبــيــنــ­مــا لــــم يـعـلـن غوتيريس عن أسماء مرشحة ملنصب، تبدو األميركية ستيفاني خوري، نائبة باتيلي، من بينها، والتي قد يأتي دورها لتسلم منصب مليء بـاألفـخـا­خ، بعدما رفـــع كــل املـبـعـوث­ـن األمـمـيـن إلـــى ليبيا حتى اآلن الراية البيضاء أمام سياسيي هــــــــذ­ا الــــبـــ­ـلــــد املــــنــ­ــقــــســ­ــمــــن وداعــــمـ­ـــيــــهـ­ـــم الدولين. وكان باتيلي قد أعلن الثاثاء، اســتــقــ­الــتــه رســمــيــ­ا بــعــد تــقــديــ­مــهــا إلــى غـــوتـــي­ـــريـــس. وجــــــاء ذلـــــك خـــــال مــؤتــمــ­ر صــحــافــ­ي عـــقـــده، بــعــد تـقـديـمـه إحـاطـتـه عن الوضع في ليبيا أمام مجلس األمن فـي نـيـويـورك. ولــم يعلن عـن االستقالة

أمـام املجلس، بل في املؤتمر الصحافي الـــذي حـــذر فيه مـن أن ليبيا على وشك أن تخسر سيادتها، مشيرًا إلـى تدهور تــشــهــد­ه الـــبـــا­د عــلــى صــعــد عـــــدة. وعـــزا ذلـــــك إلـــــى مــــا أســــمـــ­ـاه افـــتـــق­ـــار األطــــــ­راف الليبية الـرئـيـسـ­يـة الـفـاعـلـ­ة إلـــى اإلرادة الـــســـي­ـــاســـيـ­ــة، واالنـــــ­ـخــــــرا­ط بــمــبــا­حــثــات بحسن نـيـة. أمــا الـعـامـل الـثـانـي، بـرأيـه، فــــهــــ­و اآللــــــ­يــــــات الـــــدول­ـــــيــــ­ـة واإلقـــلـ­ــيـــمـــ­يـــة الناشئة، والـتـي تستخدم ليبيا ساحة معركة، ومواجهات عسكرية بن أطراف أجنبية مختلفة. واتهم الجهات الفاعلة في ليبيا، الداخلية والخارجية، بعرقلة الجهود األممية. وبــــاتــ­ــيــــلــ­ــي هـــــو ثـــــامــ­ـــن مــــبــــ­عــــوث أمـــمـــي إلــــى لــيــبــي­ــا بــعــد الــــثـــ­ـورة، وبــاســتـ­ـقــالــتـ­ـه يـنـضـم إلـــى قـائـمـة املـبـعـوث­ـن األمـمـيـن املستقيلن، بعد اللبناني غسان سامة الـــــذي اســـتـــق­ـــال فـــي مـــــــــ­ـارس/آذار ،2020 والسلوفاكي يان كوبيتش الذي استقال في نوفمبر/تشرين الثاني ،2021 فيما لم يحقق وغيره من أسافه، أي اختراق، في مهمة البعثة التي تشكلت عام 2011 بهدف تقديم «الدعم السياسي» لليبيا. وفــي ،2011 أرسـلـت األمــم املتحدة بعثة لــلــدعــ­م الــســيــ­اســي إلــــى لــيــبــي­ــا، تـــوالهــ­ـا األردني عبد اإلله الخطيب ألشهر قليلة فـقـط، قبل أن يـجـري تعين البريطاني أيــان مـارتـن، ومـن بعده اللبناني طارق مــتــري، ثــم اإلسـبـانـ­ي بـرنـارديـ­نـو ليون، واألملــــ­ــانــــــ­ي مـــــارتـ­ــــن كـــوبـــل­ـــر الـــــــذ­ي ســـلـــم مـــنـــصـ­ــبـــه لـــســـام­ـــة فـــــي ،2017 قـــبـــل أن يستقيل األخير ليخلفه كوبيتش الذي تسلم مهامه فــي يـنـايـر/كـانـون الثاني ،2021 ثم استقال في نوفمبر من العام ذاتــه، مسلما مهامه لستيفاني وليامز.

باتيلي: اآلليات الدولية تستخدم ليبيا ساحة معركة

لم يحقق باتيلي وأسالفه أي اختراق في مهمة البعثة علما أن الدبلوماسي البلغاري نيكوالي مـــاديـــ­نـــوف رفــــض تـــولـــي املــنــصـ­ـب بعد استقالة سامة. وخــــال الـــســـن­ـــوات األولـــــ­ى بــعــد الـــثـــو­رة، لـــم تــخــط الــبــعــ­ثــة أي خــطــوة فـــي طـريـق مهمتها، إال أنـهـا بـــرزت كـقـائـد لعملية حــــــوار ســـيـــاس­ـــي لــيــبــي فــــي عـــهـــد لــيــون نهاية ،2014 إثر دخول الباد في انقسام سـيـاسـي حـــاد، انـتـهـى بتوقيع اتفاقية الصخيرات املغربية في ديسمبر 2015 الـــذي مـنـي تطبيقه بالفشل. واستمرت املـراوحـة طيلة السنوات التالية معقدة مهمة املـبـعـوث­ـن الــذيــن تـعـاقـبـو­ا بـعـده، بما فـي ذلـك سامة الــذي وقـف تصاعد القتال عقبة أمــام مهمته. واألخـيـر بذل جـهـودًا عـدة انطلقت مـن اجتماع برلن في يناير 2020 في 3 مسارات، سياسية وعسكرية واقتصادية، وشارف خالها على االقــتــر­اب مـن عقد املـؤتـمـر الجامع في غدامس بن األطراف الليبية، قبل أن يقوضه هجوم حفتر على طرابلس في إبريل/نيسان .2019 أمـا وليامز فتمكنت من تمرير مشروع تــوحــيــ­د الـسـلـطـة الـتـنـفـي­ـذيـة، مـــن خــال مــلــتــق­ــى ســـيـــاس­ـــي، لـــكـــن بــاتــيــ­لــي تــولــى مهامه رسميا في مارس ،2023 على وقع عــودة االنـقـسـا­م، بسبب خـافـات رئيس حكومة الــوحــدة الوطنية فــي طرابلس عـبـد الـحـمـيـد الـدبـيـبـ­ة ورئــيــس مجلس النواب عقيلة صالح، خصوصا. وأعلن عن عزمه إطاق مبادرة تهدف لتشكيل «لــجــنــة رفــيــعــ­ة املـــســـ­تـــوى» مـــن مختلف األطياف الليبية، للعمل على بناء قاعدة دســتــوري­ــة لـانـتـخـا­بـات، وهـــو مــا التف عليه مجلسا النواب والدولة، كما أطلق مبادرة في 22 نوفمبر املاضي، وتقضي بجمع الــقــادة األســاســ­يــن وهـــم صـالـح، ورئــيــس املجلس األعــلــى لـلـدولـة محمد تكالة، ورئيس املجلس الرئاسي محمد املـنـفـي، والـدبـيـب­ـة، وحـفـتـر، عـلـى طـاولـة حــوار، وهـو ما فشل أيضا. وقبل إعان استقالته، ظهر باتيلي، ليل االثنن، مع املندوب الليبي في األمم املتحدة الطاهر السني، برفقة نائبته ستيفاني خوري، في وقـت بـرز فيه النشاط الدبلوماسي األمـــيــ­ـركـــي فــــي املـــشـــ­هـــد الـــلـــي­ـــبـــي، وســـط حديث عن خطة أميركية ترمي لتنظيم املجموعات املسلحة غرب الباد، وتدفع بإنشاء حكومة تصريف أعمال موحدة منزوعة الصاحيات.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar