Al Araby Al Jadeed

نفط إيران وبايدن الحائر

- مصطفى عبد السالم

الرئيس األميركي جو بايدن بات في حيرة شديدة تجاه التعامل مع الضغوط املتعلقة بالرد السريع على هجمات إيران على إسرائيل، فإما أن يستجيب للضغوط الشديدة عليه بفرض عقوبات سريعة وشاملة على النفط والغاز اإليرانيني، وهذه لها تكلفة اقتصادية وسياسية كبيرة، وإما أن يتجاهل الضغوط، ويتعرض ملخاطر ربما تهدد مستقبله السياسي. بايدن يتعرض هذه األيام لضغوط من حكومة نتنياهو املتطرفة، ونواب في الكونغرس، واللوبي الداعم لدولة االحتالل، والهدف معاقبة إيران، وقطع عائدات النفط التي تستخدم في تمويل أنشطتها داخل املنطقة. ولذا يضغط هذا اللوبي بشدة على بايدن ملعاقبة إيران عبر عرقلة صادراتها النفطية، وهو أمر إن حدث سيشكل ضربة لالقتصاد اإليراني الذي يعاني من تضخم وتراجع في قيمة العملة، فاإليرادات النفطية املصدر الرئيسي للنقد األجنبي، حيث قدرت في عام 2022 بأكثر من 54 مليار دوالر. هنا من السهل على إدارة بايدن االستجابة لتلك الضغوط وكسب ود اللوبي الداعم للكيان الصهيوني وفرض عقوبات على النفط اإليراني، خاصة أنه مقبل على انتخابات رئاسية حساسية يتنافس فيها مع منافس شرس هو دونالد ترامب. لكن في املقابل فإن بايدن يتردد ألف مرة في اتخاذ هذا القرار الصعب والشائك، فقطع النفط اإليراني عن األسواق سيترتب عليه حدوث قفزة في سعر النفط، فإيران تنتج نحو ثالثة ماليني برميل من النفط يوميًا، وهي ثالث أكبر منتجي الخام في «أوبك» بعد السعودية والعراق. وقطع هذه الكميات قد يعيد لألسواق سيناريو ما بعد اندالع حرب أوكرانيا حني قفزت األسعار إلى نحو 140 دوالرًا. وفي حال حدوث قفزة في سعر النفط فإنها ستنعكس على أسعار البنزين والسوالر والغاز، وهنا ستقفز أسعار كل شي داخل األسواق، ويعود شبح التضخم، ويؤجل البنك الفيدرالي خطط خفض الفائدة الرامية إلنعاش األسواق وتحريك االقتصاد. والنتيجة دخول بايدن في مواجهة ليس فقط مع اللوبي الداعم إلسرائيل، لكن مع املواطن الذي ال يهمه كثيرًا ماذا يحدث في الشرق األوسط، لكن يهمه سعر البنزين. لنضف إلى تلك االعتبارات وغيرها أن فرض عقوبات أميركية جديدة على النفط اإليراني قد يغضب الصني؛ أكبر مشتر لذلك النفط. كما أن فرض عقوبات أميركية على النفط اإليراني سيزيد الصراع في الشرق األوسط، فإيران لن تقف صامتة، بل يمكنها زيادة حدة التوتر عبر أذرعها في لبنان واليمن وسورية والعراق. في ظل تلك املعادلة املعقدة والشائكة، هنا قد يلجأ بايدن إلى خيارات أخرى ليس من بينها قطع شريان النفط اإليراني عن أسواق الطاقة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar