Al Araby Al Jadeed

الركود يضرب األسواق المصرية بعد العيد... والبائعون يشتكون

- اإلسكندرية ـ أحمد عبده

يخيم الــركــود عـلـى األســــوا­ق املـصـريـة بعد انـقـضـاء عطلة عيد الـفـطـر، حيث استنزف شهر رمضان والعيد ميزانيات معظم األسر، مـا دعــا تـجـارا وحرفيني إلــى وصــف الفترة الحالية بأنها األصعب على مدار العام. في أحــد أشـهـر أحـيـاء مدينة اإلسـكـنـد­ريـة على البحر املتوسط شمالي مصر، حيث تنتشر املـــطـــ­اعـــم واملـــتــ­ـاجـــر مــــن مــخــتــل­ــف األنــشــط­ــة والتخصصات يخيم الــهــدوء رغــم انقضاء عطلة العيد وعــودة األعمال إلى طبيعتها، ويـتـوسـد مطعم صغير زاويـــة هــادئــة، مثل قــصــر مــهــجــو­ر، فـــاألضــ­ـواء الــخــافـ­ـتــة تـتـأأل

فـي نـوافـذ املطعم، وتظهر رسـومـا واضحة عـلـى واجـهـتـه الـخـالـيـ­ة تـمـامـا مــن الـزبـائـن. فقط بائعون يقفون فـي انتظار أي مشتر. صاحب املطعم، يقف خلف الباب الزجاجي الرقيق، ينظر إلى الخارج بابتسامة خفيفة، ومـــع كــل نـفـس يـــأخـــذ­ه، تـتـعـاظـم التجاعيد

التجار يلجؤون إلى تخفيضات األسعار والعروض لجذب الزبائن

على وجهه املتعب، وتشير إلى مرارة الفترة الصعبة التي يعيشها، فيلتفت إلى املطبخ الصغير املجاور، والذي يجلس فيه العمال بال عمل بينما تحتسب أجورهم. يـــعـــزف الـــزبـــ­ائـــن عـــن زيـــــارة املـــكـــ­ان فـــي عـــادة يشهدها املطعم وغيره من املحال التجارية بعد كل عيد، إذ تشهد األسواق كسادًا وركودًا كبيرًا في األسابيع التي تخلف العيد، األمر الــــذي يــرجــعــ­ونــه إلـــى إنـــفـــا­ق املــواطــ­نــني بكل سعتهم قــبــل، وفـــي أثــنــاء الــعــيــ­د، مـمـا يؤثر عــلــيــه­ــم ســـلـــبـ­ــا بـــعـــد ذلـــــــك. «أرى الــــطـــ­ـاوالت الخشبية الفارغة، والكراسي التي تنتظر بال أمل، وحتى القائمة املصقولة التي لم يطلبها أحد، ويغمرني الحزن العميق ملا أواجهه من

صعوبات مالية وديـــون متراكمة».. يقولها املـــعـــ­لـــم صــبــحــي الــــفـــ­ـولــــي، صـــاحـــب املــطــعـ­ـم، لـ «العربي الجديد». يضيف «الفولي»: سلوك املـــواطـ­ــنـــني شـــديـــد الـــشـــر­اهـــة فـــي املــنــاس­ــبــات العامة وبخاصة األعـيـاد، والتي من شأنها الـــقـــض­ـــاء عـــلـــى أمــــوالـ­ـــهــــم تـــمـــام­ـــا قــــبــــ­ل، وفـــي أثــنــاء املـنـاسـب­ـة، بـغـض الـنـظـر عــن أحـوالـهـم االقتصادية فيما تبقى من الشهر بعد العيد. يـقـول: «ال أستطيع إطـفـاء الشعلة أو إغـالق املطبخ، فعلى الرغم من عزوف الزبائن، إال أن سمعة املطعم تجبرني على استمرار تجهيز الوجبات ألكون جاهزًا ألي طلبات محتملة، وحتى تظل رائحة األطباق الشهية منتشرة فـي الــهــواء، فـي محاولة لـجـذب املــــارة». ومن املطعم إلى مغسلة سيارات وسجاد، إذ يعاني صـــاحـــب املــغــسـ­ـلــة مـــن حـــالـــة الــــركــ­ــود الـكـبـيـر بــعــد الـــعـــي­ـــد، فــيــقــو­ل الـــحـــا­ج أســـعـــد عـــاشـــو­ر، لـ«العربي الجديد»: في أعقاب انتهاء العيد، تعاني األســواق من الركود، مما يزيد أزمات البائعني ويضعف ميزانياتهم، مع التراجع فـــي حـــركـــة املــبــيـ­ـعــات وتــــراجـ­ـــع اإلقــــبـ­ـــال على الـتـسـوق. ويضيف: «تعتبر فـتـرة بعد العيد هــذا الـعـام أصعب فترة بالنسبة لنا، ويبدو أن العديد من األسر يقللون من مصروفاتهم، ويــتــجــ­نــبــون شــــراء أي شــــيء، بـيـنـمـا نـحـتـاج إلــى تشغيل محالتنا لتوفير رواتـــب العمال واإليجارات وسداد قيمة الفواتير». أمــا عــالء عــابــد، صـاحـب محل حـالقـة وسط اإلسـكـنـد­ريـة، فيتحدث عــن تــراجــع حــاد في حجم الزبائن بعد العيد، حيث يعتبر هذا الـــوقـــ­ت مـــن الــســنــ­ة «مــوســمــ­ا مــيــتــا» بحسب وصفه، قائال لـ«العربي الجديد» إن السوق يشهد تراجعا كبيرًا في عدد الزبائن وحجم املبيعات. ويضيف عابد: «هــذه الفترة تعد واحـــــــ­ـدة مــــن األصــــعـ­ـــب خـــــالل الـــــعــ­ـــام، حـيـث نعاني تـراجـع الــقــدرة الشرائية للمواطنني وتراجع اإلقبال، بسبب الظروف االقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد، وإنفاقهم كل السعة املالية الـتـي يمتلكونها قبل وأثـنـاء الــعــيــ­د». مـــن جــانــبــ­ه يــقــول عــلــى اإلدريـــس­ـــي، الخبير االقـتـصـا­دي وأســتــاذ االقـتـصـا­د في األكاديمية البحرية للنقل البحري لـ «العربي الــجــديـ­ـد»، إن هــذه الـظـاهـرة تـعـزى إلــى عدة عــوامــل، أهمها األزمـــات والــظــرو­ف الصعبة الــــتـــ­ـي تـــثـــقـ­ــل كــــاهـــ­ـل املــــصــ­ــريــــني وقــــدرات­ــــهــــم الــشــرائ­ــيــة، بــعــد فــشــل الــحــكــ­ومــة فـــي إيــجــاد حلول لضبط األسواق في ظل تزايد وارتفاع مـــــعـــ­ــدالت الـــتـــض­ـــخـــم الــــتـــ­ـي تـــنـــعـ­ــكـــس ســلــبــا عــلــي االســـعــ­ـار ومــعــيــ­شــة املـــواطـ­ــنـــني. يشير اإلدريــــ­ســــي إلــــى أنــــه مـــع اســـتـــم­ـــرار الـشـكـوي مـــــن ارتـــــفـ­ــــاعــــ­ـات أســـــعــ­ـــار الـــســـل­ـــع الـــغـــذ­ائـــيـــة والـطـاقـة ومـــواد الـبـنـاء، يعمل املــواطــ­ن على تــحــقــي­ــق مــــا يـــعـــرف بـــالـــو­عـــي االســتــه­ــالكــي وذلــــك بـتـرتـيـب األولــــو­يــــات والــســعـ­ـي لـشـراء الحاجات األساسية وتقليل حجم السلع مع االستغناء عـن بعضها خاصة الكمالية أو الترفيهية. ويلفت إلـى أن التضخم املتزايد ليس فقط ما يؤثر في األسعار وقدرة األفراد على شـراء السلع واملنتجات، وإنما يضاف إلـــى ذلـــك ارتــفــاع أســعــار الــوقــود والـكـهـرب­ـاء وتكاليف املعيشة العامة، مما يجعل األسر تقلل من مصروفاتها اليومية، وتتقشف في النفقات غير الضرورية. وعــن الـتـجـار يـقـول أســتــاذ االقــتـصـ­اد: «على الرغم من هذه التحديات، يسعى البائعون إلى ابتكار استراتيجيا­ت جديدة لجذب الزبائن وتــنــشــ­يــط األعــــمـ­ـــال الـــتـــج­ـــاريـــة، ويــســتــ­خــدم بـعـضـهـم تــخــفــي­ــضــات األســــعـ­ـــار والـــعـــ­روض الترويجية لجذب املزيد من العمالء، في حني يعتمد آخـــرون على التسويق عبر الخدمة والـتـجـار­ة اإللكتروني­ة للوصول إلــى قاعدة عـــمـــال­ء أوســـــع، ويــعــمــ­ل الــبــعــ­ض أيـــضـــا على تنويع منتجاتهم وتحسني جودتها لكسب ثـقـة املستهلكني وتشجيعهم عـلـى الــشــراء. ويشير اإلدريسي إلى ضرورة اتخاذ القطاع الــحــكــ­ومــي واملـــؤسـ­ــســـات املــعــنـ­ـيــة إجـــــراء ات لـدعـم رواد األعــمــا­ل وتـوفـيـر بيئة مناسبة للتجارة واالستثمار، وتقديم الدعم املالي والــــتــ­ــدريــــب واإلرشــــ­ـــــاد لــلــبــا­ئــعــني الــصــغــ­ار واملتوسطني، وتبسيط اإلجـــراء­ات اإلداريــة وتـخـفـيـف الــضــرائ­ــب والـــرســ­ـوم الـحـكـومـ­يـة املفروضة على األعمال التجارية.

 ?? )Getty( ?? هدوء كبير في األسواق في ظل تراجع القدرات الشرائية لمعظم المواطنين
)Getty( هدوء كبير في األسواق في ظل تراجع القدرات الشرائية لمعظم المواطنين

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar