زراعة األنفاق البالستيكية تنتشر في إدلب
يقبل مـــزارعـــون فــي إدلـــب شـمـال غربي ســوريــة عـلـى الـــزراعـــة ضـمـن مــا يعرف بـ«األنفاق البالستيكية»، بهدف زيادة عوائدهم من أراضيهم، وتغطية حاجة الـــســـوق مـــن مــخــتــلــف أنــــــواع الــخــضــار. وتوفر هذه النوعية من التقنية الزراعية بيئة مناسبة لنمو املحاصيل، وتؤمن حـــمـــايـــة الـــنـــبـــاتـــات مــــن جـــمـــيـــع اآلفـــــات وتـقـلـبـات الــطــقــس، بــهــدف إنـــتـــاج ثـمـار صيفية مـبـكـرة وطــرحــهــا فــي األســــواق قـبـل موسمها املــعــتــاد. يــقــول املهندس الـــزراعـــي كــمــال الــحــســن 44( عـــامـــا) من مــديــنــة إدلـــــب لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» إن «زراعــــــــة األنــــفــــاق الــبــالســتــيــكــيــة بــاتــت مصدر الدخل األساسي ألكثر من %70 من سكان ريف إدلب، ولها الدور األكبر فـــي األمــــن الـــغـــذائـــي وتـحـقـيـق االكــتــفــاء الذاتي من املواد الغذائية األساسية». ويضيف الحسن أن «هذه التقنية باتت ذات جــدوى اقتصادية مهمة وأضحت واسـعـة االنـتـشـار فـي الشمال الـسـوري، رغـــم أنــهــا تـحـتـاج إلـــى رعــايــة وظـــروف بــيــئــيــة مـــعـــيـــنـــة». ويـــشـــيـــر الـــحـــســـن أن املـزارعـن يستخدمون شكال واحــدًا من األنــــفــــاق، بـيـنـمـا يـخـتـلـف طــولــهــا تبعا لطبيعة األرض املراد زراعتها. ويــتــكــون الـنـفـق الـبـالسـتـيـكـي مــن سلك معدني مقوس، يقوم املزارعون بوضع قـــطـــع مــــن أكــــيــــاس الـــنـــايـــلـــون الـــشـــفـــاف املـخـصـص لـذلـك الـغـرض فــوق األســالك املــــعــــدنــــيــــة، ويــــتــــم تـــثـــبـــيـــت طـــــــرف مــنــه بالتربة، فيما يتم تثبيت الطرف اآلخر بأكياس مليئة بالتراب، وذلك لتسهيل فتح النفق وإغـالقـه أثـنـاء متابعة نمو املـــحـــاصـــيـــل، وفـــــق املـــهـــنـــدس الــــزراعــــي السوري. ويؤكد أن كل دونم (يعادل ألف متر مربع) يحتاج إلى رأسمال يتراوح بـن 350 500و دوالر، فيما يجني منه املـزارع مبلغا يتراوح بن 1500 2000و دوالر تــقــريــبــا، مـبـيـنـا أن هـــذه الـــزراعـــة تحتاج إلــى مــواد معينة منها الحديد والــــنــــايــــلــــون إلـــــى جــــانــــب ثـــمـــن الــــبــــذور واألسمدة واملبيدات ومياه الري وتكلفة األيــــدي الـعـامـلـة. وحــــول الــعــوامــل التي تــؤثــر عـلـى املــحــصــول، يــوضــح الحسن أن املـــزارعـــن قــد يــواجــهــون الـعـديـد من املــخــاطــر والـــصـــعـــوبـــات الـــتـــي تــهــددهــم بخسائر كبيرة منها الصقيع واألمطار الغزيرة التي تسبب السيول وانجراف الـــــتـــــربـــــة، فـــيـــمـــا تـــتـــســـبـــب الــــعــــواصــــف الهوائية بتمزيق النايلون الذي يغطي األنـفـاق، مـا يجعل شتالت الخضروات مكشوفة، وعرضة للتلف تحت درجات الحرارة املنخفضة. من جهته، يقول املزارع محمد الخلوف 55( عاما) من مدينة حارم شمالي إدلب، إنـه يقوم بـزراعـة الخضار ضمن أنفاق قبل موسمها ويكسب من ذلـك مــردودًا جيدًا، مضيفا أن «زراعة األنفاق الزراعية تعد أقل تكلفة بكثير من زراعة البيوت املحمية الكبيرة، إضافة إلى أن املردود االقتصادي للمحصول املزروع بداخلها ممتاز مـقـارنـة مـع تكاليف إنـشـاء هذه األنفاق، التي تعد بسيطة وفي متناول كــل مــن يـريـد اسـتـثـمـار أرضـــه الـزراعـيـة بـشـكـل أمـــثـــل». يـشـيـر الــخــلــوف إلـــى أنـه يركز على زراعـة أرضه التي تقدر نحو 5 دونمات بالخضروات السيما الخيار والكوسا والفاصولياء بشكل أساسي، الفتا إلى أنه يبدأ بالزراعة في منتصف شـهـر فـبـرايـر/شـبـاط، وعــــادة مــا تطرح إنـتـاجـهـا بـحـلـول إبــريــل/ نـيـسـان وهـو الـشـهـر الـــذي تـبـدأ فـيـه زراعــــة الشتالت في األراضي املكشوفة. ويقول إنه يعمل عـلـى إعــــداد األرض لــلــزراعــة قـبـل إقـامـة األنــــفــــاق، حــيــث يـــقـــوم بـــحـــراثـــة األرض ومد خراطيم الري بالتنقيط، ثم زراعة البذور أو الشتالت، ويتم فرد النايلون عـلـى األقــــواس املـعـدنـيـة املـقـامـة فوقها، ويـأخـذ فـي الحسبان أن تـكـون األنـفـاق فــــي اتــــجــــاه الــــريــــح الــــســــائــــدة، وخـــاصـــة الـــريـــح الـــقـــويـــة، ويــفــضــل أن تـــكـــون في
وضــع يسمح بتعرضها ألكبر قــدر من أشعة الشمس، كما يقوم بعملية تهوية املـــحـــاصـــيـــل حـــســـب الـــــظـــــروف الـــجـــويـــة الــســائــدة، بـحـيـث يــكــون ذلـــك فــي األيـــام الدافئة في وقت الظهيرة حتى العصر. بـــــدوره يــقــول عـبـد الـــــرزاق الــســلــوم 44( عـامـا) مـن مدينة سـرمـدا شمالي إدلـب، وهــو تـاجـر فـي ســوق الخضار بمدينة معرتمصرين شمالي إدلب إن «األنفاق الــــزراعــــيــــة تــمــكــن املـــــزارعـــــن مــــن زراعـــــة املحاصيل في غير موسمها، كما تسهم فــــي تــــوفــــر الــــخــــضــــروات فــــي األســـــــواق املــحــلــيــة وانـــخـــفـــاض أســـعـــارهـــا بشكل تدريجي، فبعد تدفق املحاصيل املحلية إلــــى األســـــــواق، تـنـخـفـض األســـعـــار إلــى الـنـصـف تـقـريـبـا، وتـصـبـح مـقـبـولـة، ما يعود بالنفع على املستهلكن ويمكنهم مــن شـــراء حـاجـاتـهـم مــن الــخــضــروات». ويـضـيـف الـسـلـوم لــ«الـعـربـي الـجـديـد»: «لقد أصبحت الحياة صعبة بالنسبة لــلــفــقــراء وذوي الـــدخـــل املـــحـــدود الــذيــن يـــــــزداد عــــددهــــم كــــل يــــــوم، لـــــذا نـــأمـــل أن تنخفض أســعــار الـخـضـار الـتـي حلقت خالل الفترة األخيرة، فيما كانت سابقا طــعــام الــفــقــراء لــرخــص ثـمـنـهـا، ولكنها الـيـوم غــدت غالية الثمن، وال تستطيع الكثير مــن الــعــوائــل شـــراءهـــا». وتـؤمـن زراعـــــــة األنــــفــــاق فـــــرص عـــمـــل لـــعـــدد مـن الـنـسـاء والـشـبـاب الـذيـن يتعاقدون مع صــاحــب املـــشـــروع الــــزراعــــي مــنــذ بــدايــة املوسم ويلتزمون معه في األعمال على امتداد املوسم. كاملة السعيد 41( عاما) نـــازحـــة مـــن مــديــنــة ســـراقـــب إلــــى مخيم كفربني شمالي إدلب، تجد فرصة عمل مع ابنتيها في زراعــة الخضار. وتقول لــ«الـعـربـي الــجــديــد»: «أعــمــل مــع بناتي في حقل مزروع بالخضار ضمن أنفاق بالستيكية، وتحصل كل منا على مبلغ 50 ليرة تركية يوميا، أي حوالى دوالر ونصف، حيث يساعدنا هـذا املبلغ في تــأمـن احـتـيـاجـاتـنـا األســاســيــة فــي ظل النزوح والفقر وشح فرص العمل».