Al Araby Al Jadeed

تاريخ من التدمير

-

مــــن مـــــــدا­رس مــنــطــق­ــة حــــي الـــنـــص­ـــر والــــرمـ­ـــال والعودة، وعادت إلى بلدة بيت حانون مطلع الشهر الحالي. تقول إن مـا يفعله االحتال اإلسـرائـي­ـلـي يشبه سيناريو مجمع الشفاء الطبي الــذي فاجأ النازحن فيه، لكنه طلب مـنـهـم عـــدم الـــعـــو­دة إلـــى بــلــدة بــيــت حــانــون. وحتى اللحظة، ال تعرف أعداد املعتقلن من رجــال العائلة، مشيرة فـي الـوقـت نفسه إلى اعتقال اثنتن من نساء العائلة مع الرجال، وتشدد على أن الجميع كانوا مدنين. تــوجــه سـكـان الـبـلـدة إلـــى مــــدارس فــي مخيم جباليا، وآخرون إلى مدارس على مقربة من منطقة الـصـفـطـا­وي فــي الـشـمـال، بـاإلضـافـ­ة إلــــى حـــي الــشــيــ­خ رضــــــوا­ن فـــي مــديــنــ­ة غـــزة، وهو الحي األقرب إلى شمال القطاع. وتقول املـصـري لـ«العربي الـجـديـد»: «بحثنا كثيرًا فـي املـــدارس حتى نبقى آمـنـن. بسبب شدة الـــخـــو­ف الـــــذي عــشــنــا­ه، بـحـثـنـا عـــن مــــدارس بــعــيــد­ة عـــن الــــشـــ­ـوارع الـــعـــا­مـــة، خـــوفـــا مـــن أن يقتحم االحــتــا­ل املــــدار­س فـجـأة كما حصل معنا». تضيف: «كنت أمشي وأبـكـي بسبب ما عشناه. كان لدى سكان بلدة بيت حانون أعمالهم، كحالنا نحن املــزارعـ­ـن. كنا نملك قطعتن مـن األرض الــزراعــ­يــة، وقــد دمرهما االحـتـال بالكامل كما دمــر بيوتنا. الحقنا إلــى املــدرســ­ة الـتـي كنا نحتمي فيها، وهـدد بـإعـدامـن­ـا. نـحـن اآلن نــازحــون مــن منطقتنا إلى منطقة أخرى، وأخاف أن أعود إلى البلدة فأجدها رمادًا بعدما تركناها ركاما». وأدان املـكـتـب اإلعــامــ­ي الـحـكـومـ­ي فــي قطاع غـــــزة تـــدمـــي­ـــر مــــدرســ­ــة بـــيـــت حــــانـــ­ـون الــتــابـ­ـعــة لوكالة «أونروا» شمالي قطاع غزة، بعد طرد النازحن منها قسرًا، واعتبر أن ما حدث هو أحـــد أشــكــال التطهير الـعـرقـي املمنهج الــذي يـمـارسـه الـكـيـان املـحـتـل، عـــدا عــن استخفافه بـــاألمــ­ـم املــتــحـ­ـدة وبــكــل األعــــــ­راف الــتــي تــجــرم استهداف املدنين ومراكز النزوح واملنشآت األممية، فيما يخطط لتدمير مــدارس أخرى أخـلـيـت فــي الـبـلـدة. واعـتـبـر املـكـتـب اإلعـامـي الحكومي أن االحتال يسعى إلى إفراغ مدينة بـيـت حــانــون واملـنـطـق­ـة الـشـرقـيـ­ة مــن جباليا شـــمـــال غــــزة مـــن ســكــانــ­هــا بــالــكــ­امــل، لـضـمـان تواجد آلياته العسكرية فيها. ورصـد تواجد املركبات العسكرية وسط إجبار كل العائات املتواجدة في بيت حانون على النزوح منها واعتقال عدد من الشبان، وسط قصف عنيف. حــتــى الــلــحــ­ظــة، تــتــواجـ­ـد اآللـــيــ­ـات الـعـسـكـر­يـة بـالـقـرب مـن منطقة أبــو صفية شــرق جباليا وبيت حانون، ملنع أي فرصة لعودة النازحن. تـــذكـــر عــــا أبــــوحــ­ــاطــــوم، وهـــــي مــــن ســكــان البلدة، أن االحـتـال لـم يدخل مباشرة إلى املدرسة في البداية. وعبر مكبرات الصوت، كــــان يـــنـــاد­ي عــلــى الــشــبــ­ان لــلــخــر­وج إلـيـهـم

لدى االحتالل اإلسرائيلي تاريخ طويل مع تدمير البلدة. منذ االنتفاضة الثانية عام ،2000 يتعمد تدمير أراض زراعية ومنشآت مدنية في البلدة التي تعمل بالزراعة والصناعة. كما أن االحتالل في كل عدوان يشنه على القطاع يعمل على تدمير أجزاء كبيرة من المدينة، خصوصًا شرق البلدة وشمالها واألبراج السكنية فيها. ويعود تاريخ بلدة بيت حانون ألكثر من ألفي عام.

بشكل منفرد، علما أن البعض كان مصابا ولــم يتمكن مـن التحرك وبقي فـي املدرسة ينطق الشهادتن. كان األهالي يتوقعون أن يقتلهم الجيش. اعتقلوا الرجال وطلبوا من النساء السير إلــى مصير مجهول» تتابع أبوحاطوم في حديثها لـ«العربي الجديد»: «جرد الشباب من مابسهم أمامنا بصورة قاسية ومـحـزنـة، وأوعـــز للنساء واألطـفـال بالتحرك جنوبا خارج البلدة تحت تهديد الــســاح الـــذي كــان مصوبا نـحـونـا، بسبب رفـــــض بـــعـــض الـــنـــس­ـــاء الـــــخــ­ـــروج مــــن دون الــــرجــ­ــال. حــقــقــو­ا مـــع أطـــفـــا­ل ذكـــــور وإنــــاث يــبــلــغ­ــون مــــن الـــعـــم­ـــر 13 عـــامـــا ملـــــدة نـصـف ســاعــة، ثــم سـمـحـوا لـهـم بــاملــغـ­ـادرة مـعـنـا». وتوضح أن «مـن معنا من النساء توجهن جنوبا سيرًا على األقـــدام نحو مدرسة في

حاصرت جرافات ودبابات االحتالل مدارس اإليواء في بيت حانون

مخيم جباليا»، الفـتـة إلــى أن الـنـازحـن لم يتمكنوا من حمل الطعام الذي اشتروه قبل التهجير أو الفرش التي اضطروا إلى تركها في املدرسة، وقد علموا أنها دمرت بالكامل. مـــن جــهــتــه، خــضــع أحــمــد حــنــون 19( عــامــا) لـلـتـحـقـ­يـق مـــع االحــــتـ­ـــال، وقــــد ســـئـــل كـثـيـرًا إذا رأى أحــــدًا يـحـمـل الـــســـا­ح أو قــنــابــ­ل في املـــنـــ­طـــقـــة، وهــــــــ­دد مــــن الـــجـــن­ـــدي فــــي حـــــال لـم يخبره الحقيقة، خصوصا بعدما أجــاب أن جميع من في املدرسة وهم من سكان البلدة ال يملكون أسلحة، ويـريـدون العيش بأمان وانتهاء العدوان». يقول لـ «العربي الجديد»: «اعـتـقـلـو­ا عـــددًا مــن الــنــســ­اء، منهم سـيـدة لم تتحدث معهم ولـم تــرد على أسئلتهم حول أبنائها وزوجها. كانوا يدخلون 5 أفراد معا، وقـــد اعـتـقـلـو­ا الـكـثـيـر مــن الــشــبــ­ان وسـمـحـوا لـعـدد قليل فـقـط بـالـنـزوح جـنـوبـا، وشـــددوا على أال نعود مهما حصل إلى البلدة». يضيف حنون: «ال أعرف أين نذهب. وصلنا إلى مدرسة في بلدة جباليا رغما عن الخطر القائم في الشمال. أردنا التواجد بالقرب من بلدتنا، حتى لو كانت مدمرة وكذلك منزلنا. بالنسبة إلـي، التهجير في البلدة أفضل من أي مكان آخر. أشعر بالحنن إلى املنزل».

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar