Al Araby Al Jadeed

الزعماء والقيء

- باسل طلوزي

لــــم يـــكـــن يـــعـــان­ـــي ســـــوى مــــن مـشـكـلـتـ­ن؛ األولـــــ­ى أنــــه لـــم يـتـقـيـأ فـــي حــيــاتــ­ه أبــــدا، والـــثـــ­انـــيـــة أنـــــه كـــــان مـــؤمـــن­ـــا بــالــزعـ­ـمــاء العرب. والـــــحـ­ــــال أنـــهـــم­ـــا لــــم تـــكـــون­ـــا مـشـكـلـتـ­ن بـــالـــن­ـــســـبــ­ـة إلـــــيــ­ـــه، بـــــل كــــــان يــعــتــب­ــرهــمــا أهـــــم حــســنــت­ــن، ألنــــه كــــان يـــكـــره الــقــيء أصــا، ويتمنى أل يمر بهذه التجربة، خصوصا عندما يرى اآلخرين يتقيأون أمامه، ويحمد الله أن مثل هذا الشيء لم يحدث معه حتى اآلن. أمــــــا بـــالـــن­ـــســـبــ­ـة لـــــ»الــــحـــ­ـســــنـــ­ـة» الـــثـــا­نـــيـــة املتعلقة بـالـزعـمـ­ـاء الـــعـــر­ب، فــحــدث ول حـــــرج، إذ كــــان مــتــيــم­ــا بـــهـــم، ومــتــفــ­ائــا بـأنـهـم سيصنعون الــتــاري­ــخ ذات يــوم، ول يــتــحــم­ــل أن يـــشـــكـ­ــك أحـــــد بـــهـــم، بـل وأزيـــد مـن ذلــك، كـان موقنا أشــد اليقن أنهم وحدهم من سيحرر فلسطن عما قـــريـــب. وذهـــــب بـــه الـــحـــا­ل حــــد أنــــه كــان يعلق صـورهـم جميعا فـي صـدر بيته، ول يفوته أن ينحني أمـام باقة الصور كلما مـــّر مــن أمـامـهـا، ويــوصــي الـخـادم الذي استعمله خصيصا لها أن يعتني بها، باعتبارها رمز األمة. غير أن هذا اليقن املزمن تغير فجأة بعد أحداث غزة، خصوصا عندما انتظر أن يتحّرك هؤلء الزعماء لنصرتها، فشعر بصدمة كبيرة، وبـــدأ يـراجـع يقينياته وثــوابــت­ــه الــتــي راحــــت تـتـخـلـخـ­ل شيئا فـشـيــئــ­ا، فـشـعـر بــأنــه خــســر «الـحـسـنـة» األولى. وكان يمكن أن يمضي كل شيء على ما يـــرام بــ»حـسـنـة» واحــــدة لـــول أنـــه خسر الـحـسـنـة الـثـانـيـ­ة عـنـدمـا شـعـر بحاجة كبيرة للقيء.. وهو ما حدث. وعندما فعل، فوجئ بارتياح غريب لم يألفه من قبل.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar