Al-Watan (Saudi)

إغلاق المحلات والتوقيت الصيفي

-

تباينت ردود أفعال الناس في المملكة بين مؤيد ومعارض لمقترح وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بإغلاق المحلات التجارية الساعة التاسعة مساءً باستثناء الصيدليات والمطاعم ومراكز الترفيه، حيث تهدف الوزارة من هذا المقترح إلى إيجاد بيئة عمل مناسبة تشجع طالبي وطالبات العمل من المواطنين والمواطنات على الالتحاق بالعمل في المحلات التجارية وخاصةً قطاع التجزئة الذي تسيطر عليه العمالة الوافدة عن طريق التستر التجاري.

وفي هذا الصدد أجرت العديد من الوسائل الإعلامية استبياناً حول مقترح الوزارة السابق، وكانت النتيجة أن الغالبية من الذين شملهم الاستبيان لا يؤيدون هذا المقترح لعدة أسباب من أهمها: ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وظروف الأسرة السعودية التي اعتادت على التسوق ليلاً.

ويرى رجال الأعمال والاقتصادي­ون غير المؤيدين للقرار أن مثل هذا المقترح قد يؤدي إلى تأثر المبيعات التجارية بالانخفاض، وبالتالي تناقص الحركة التجارية مما قد يسبب موتاً بطيئاً للحركة التجارية، وخاصة المراكز التجارية الكبيرة التي تعتبر المحرّك الرئيس لاقتصاد الدولة، وأما المؤيدون لمقترح الوزارة فيرون أن هذا القرار سوف يسهم في توفير الطاقة وتقليل حركة المرور والتقليل من الأعباء الأمنية، وسيعمل على زيادة فرص العمل للسعوديين.

لا شك أن لأية قرار سلبيات وإيجابيات، والجميع ينظرون إلى الاتجاه الذي يتناسب مع مصالحهم وظروفهم، ولكن لنرى واقع المجتمع السعودي وخاصةً في المدن الرئيسية والتي تتميز بسهر الناس ليلاً، وفي الآونة الأخيرة بالذات نرى وجود حركة مرورية عالية حتى بعد منتصف الليل خلال أيام الأسبوع وليس في العطل وحسب، ولا أبالغ إن قلت إن الأمر وصل إلى أن من ينام الساعة الواحدة صباحا بعد منتصف الليل فقد نام مبكراً، والسؤال المطروح هنا: كيف يذهب الموظفون والطلاب إلى أعمالهم ومدارسهم باكراً وكيف يعملون ويدرسون في هذا الوضع؟

في الماضي كان الناس يذهبون إلى أعمالهم من بعد صلاة الفجر مباشرة وقبل شروق الشمس فهناك من يذهب إلى مزرعته ومن يذهب إلى دكانه، وفي الظهيرة تكون فترة استراحة وأخذ قيلولة لمدة ساعة على الأكثر ومن ثم تناول طعام الغداء، ومن بعد صلاة العصر يذهبون إلى أعمالهم مرة أخرى إلى غروب الشمس، والغالبية تنام من بعد صلاة العشاء مباشرةً، فهكذا كانت طبيعة المجتمع السعودي في ذلك الوقت، وهذا النظام يكاد يكون هو نفسه في المجتمعات الغربية في العصر الحديث، يقول الله عزّ وجل: (وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا).

وللأسف الشديد فقد انعكست الآية في المجتمع اليوم، فأصبح النهار لباسا والليل معاشا في ظل وجود عشوائية وفوضى في الأسواق التجارية في الأساس، فغالبية المحلات التجارية لا تفتح أبوابها في الصباح الباكر، وإنما في الساعة الرابعة عصراً، كما أن محلات التجزئة هي في الحقيقة سوق سوداء للسلع المغشوشة والمقلدة ناهيك عن التخزين السيئ للمواد الغذائية.

المجتمع في الحقيقة قد ترك طبيعته ويتعامل مع الحضارة الحديثة بانفصام وعشوائية الأمر الذي انعكس بالسلب على الصحة العامة وإنتاجية العمل، ومقترح وزارة العمل والتنمية الاجتماعية هو محاولة مبدئية في رأيي لتنظيم سوق العمل، وتقليل نسبة البطالة وتمتع العاملين بحقوقهم الأساسية، هذا بالإضافة إلى العوامل الاجتماعية وتنظيم تحفظي عليه إلا أنه يمكن تطبيقه دون التأثير على مقترح وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، بحيث يبقى وقت الإغلاق كما هو الساعة التاسعة ليلاً، ولكن عن طريق تغيير التوقيت المحلي للمملكة وخاصةً في فصل الصيف، بتقديم

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia