Al-Watan (Saudi)

الشيخ التويجري وفرية التغريب

Http://www.alwatan.com.sa/info/neqashat.htm

- عبدالمحسن حزمي

كتب د. عيسى الغيث مشكورا مقالا بعنوان "التغريب الإسلامي"، وتطرق فيه لاستهجانه ورفضه أوهام وسوء ظنون تقول بوجود مشروع تغريبي سعودي.

وأود القول إن من رجالات الدولة السعودية الأوفياء الذين تم رميهم وقذفهم واتهامهم بالتغريب، الأديب والمفكر الراحل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، رحمه الله تعالى. وما الباعث لرميه بهذه الفرية إلا الكذب ونحول العقل والجهل. والجهل هو الشجرة التي تنمو تحت ظلها الكثير من المشكلات كما يقول ابن قيم الجوزية، رحمه الله، وقبل البدء في نقض هذه التهمة عن هذا الشيخ الجليل والتي ينفيها ويدحضها عن نفسه بنفسه نتطرق أولا إلى الإجابة عن الأسئلة: ما التغريب؟ ما الأفكار والمعتقدات؟ ما الأسباب والعوامل؟

يُعرف التغريب بأنه تيار مشبوه يهدف إلى نقض عرى الإسلام والتحلل من التزاماته وقيمه واستقلاليت­ه، ويعرف أيضا بأنه تيار فكري ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية يرمي إلى صبغ الحياة العامة للمسلمين بالأسلوب الغربي، ويعرف الدكتور "فريد أمعضشو" بأن التغريب في الاصطلاح الثقافي والفكري المعاصر يطلق غالبا على التعلق والانبهار والتقليد للثقافة الغربية، والأخذ بالقيم وأساليب الحياة الغربية، بحيث يصبح الفرد المسلم مسخا، ويرى بالأخذ بها الطريقة المثلى لتقدم جماعته وأمته الإسلامية.

أما بالنسبة للأفكار والمعتقدات فهي على سبيل المثال لا الحصر، الدعوة إلى الحرية والتحرر الفكري والاجتماعي باعتبارهما أساس نهضة الأمة. نشر المذاهب الهدامة كالفرويدية والماركسية. مهاجمة القرآن والنبوة وكل ما هو مقدس والتشكيك في القيم الإسلامية.

أما من جهة الأسباب والعوامل الداخلية ما ذكره د. فريد أمعضشو بقوله: "الجمود الفكري والتأخر الثقافي وتخلي الفقهاء عن واجب الاجتهاد لا في مجال الفقه والتشريع فحسب، بل في جميع مجالات الفكر". فإننا اليوم بحاجة لفقهاء مجتهدين لا تقليديين أو فروعيين أو من أهل التخريج. وهذان الأخيران كما يقرر علماء الأصول أنهما أقل مراتب الفقهاء. وهي السمة الغالبة لفقهاء العصر اليوم.

وبعد هذه الإطلالة السريعة والمقتضبة والمجملة عن مفهوم التغريب وأفكاره وعوامله نأتي إلى نبذ وقبسات من نار حكمة الشيخ الجليل عبدالعزيز التويجري:

في رسالة إلى ولده يقول: "ولدي آمن ولو ألحد الناس جميعا، ووثق صلتك ولو قطعها الآخرون، واتق الله في السر والعلانية واعتمد عليه".

وفيما يتعلق بالإيمان والأخلاق يقول: "حياة بلا إيمان بالله وبلا أخلاق وبلا دين، عدم وجثة فاحت رائحتها بالعفونة". ويقول أيضا: "من كان يحمل الكَلّ ويصل الرحم ويكسب المعدوم كما كان نبي الرحمة فلن يخزيه الله أبدا". ويقول أيضا: "اليوم هو اليوم الذي إذا قبض الإنسان على دينه فهو قابض على جمر، وما أقل من بيده جمرات"!

أما فيما يتعلق بالتحرر الفكري والاجتماعي "الليبرالية" فيقول: "الحرية أن يعبر الإنسان عن كل ما لديه من فضائل. أما أن تكون الحرية وقاحة وأن يباح لكل إنسان أن يفعل ما يشاء فهذه ليست حرية". ويقول أيضا "أنا لن أفرط في عقلي وأغيبه تحت أي شهوة من الشهوات، ولن أحرر فكري من الحياء ومن الاستقامة ومن كلمة تبني الإنسان وتقدم له فضائل معينة حتى لا يضيع في هذه الحياة".

ويقول أيضا: "الحق أن ننفر من القيود إلا قيد واحد أنا ملتزم به عليه أحيا وعليه أموت وهو كل ما جاء من آيات الله وسنة رسوله والعادات السليمة في المجتمع".

أما ما يتعلق بفلسفة فرويد وماركس يقول: "أنا عربي مسلم أرفض جملة وتفصيلا مدرسة تقوم على هذا اللون من التجاوز لكرامة الإنسان. فالإنسان هو من يتجاوز بروحه وعقله واحتماله فلسفة (فرويد) وأمثاله ممن يحاولون أن يغتالوا في الإنسان بصيرته وإنسانيته".

ويقول: "أراد أن يمحي كل شيء من ذكرياتنا وتراثنا -يقصد الغرب- وآخر شيء أراد في أفغانستان أن يمحوه من الذاكرة هو الإسلام تحت اسم الإرهاب!".

وعندما جمعته الصدفة -رحمه اللهبعراب السياسة الأميركية هنري كسينجر قال له: "أنت صغير ومن ورائك البيت الأبيض أمام الأحداث الكبيرة". وفيما يتعلق بشأن المرأة يقول: "ما أكرمت شريعة ولا أكرم دين إكرام الشريعة الإسلامية المرأة".

أبعد كل هذه الوصايا والمواعظ والرسائل عن الإيمان بالله وعن التقوى وعن مكارم الأخلاق -التي بعث نبي الرحمة ليتممها- وعن الأصالة والمعتقد الكريم، سيأتي من له أدنى مسكة من عقل ويقول: "إنه كان تغريبيا" أو كما يقول البعض ماركسي الهوى؟

ومن هذا المنطلق فإني أهيب اليوم بالدعاة وطلبة العلم بأن يقرؤوا لهذا الشيخ الجليل رسائله وكتبه الفكرية والأدبية.

ففيها من المواعظ والفوائد الشيء الكثير، فهو حري بأن يقرؤوا له ويستفيدوا من تجربته العميقة، فهو ليس أقل شأنا من كثير من المفكرين والفلاسفة الذين يقرأ لهم الداعية وطالب العلم المثقف والواعي في هذه الأيام.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia