Al-Watan (Saudi)

الهوية ولغة الأزياء

-

حين تم تداول خبر نشر في 2011 عن مشاركة 50 عارضة أزياء سعودية في معرض للمرأة العصرية، بدا ذلك الخبر خياليا وغير واقعي، إلا أننا اليوم وبعد ظهور وسائل التواصل مثل "إنستجرام"، و"سناب شات" آمنّا بمصداقية مثل هذه الأرقام، فصناعة عروض الأزياء تقدر قيمتها حول العالم بما لا يقل عن" تريليون وربع التريليون دولار"، وهي من الحرف التي تزدهر وتنمو بزيادة عدد المتابعين والداعمين، خصوصا في مجتمع يتأثر بالتسويق الإلكتروني. خمس عارضات أزياء سعوديات فقط، يملكن ما يزيد عن 10 ملايين متابع في إنستجرام وحده. لا أود هنا طرح قضية عرض الأزياء من منظور أيديولوجي أو وعظي، ولكن من منظور ثقافي واقتصادي، فالسؤال الأول الذي يتبادر لأذهاننا كمهتمين بالشأن الثقافي، هو حول مستوى مصداقية عرض الهوية السعودية في أعمال العارضات السعوديات، أو حول كمّْ الأموال التي يدرّها سوق الأزياء، وفيما إذا كان بالإمكان التعامل معه كصناعة مربحة على أرض الواقع، وتجنّب تكريس جهود كل أصحابه في الإنترنت، لأسباب مثل عدم استمرار هذه المواقع، ولضمان الأمان الوظيفي للمختصين في مجالات الأزياء والتصاميم، وغير ذلك من الأسباب. وبحسب متابعتي تبدو الهوية الثقافية السعودية مثل اللون الأخضر والبخور واللغة والأعلام والأزياء التقليدية والأطعمة الشعبية أكثر وضوحا في أعمال العارضات السعوديات الصغيرات أو العارضين من الأطفال والمراهقين، ولكن مع الأسف لا تبدو الهوية السعودية واضحة لدى العارضات والعارضين البالغين، ليس فيما يحيط بالعارض من مواد وحسب، ولكن حتى في شكله ولون شعره وأزيائه التي تكون في أغلب الأحيان أقرب للهوية الأميركية والغربية بشكل عام من الهوية العربية. وأعتقد أن الإشراف الرسمي على صناعة الأزياء والبارزين في هذا المجال قد يسهم في تكثيف مظهر الهوية الوطنية المحلية. في الكويت مثلا، لا تمتنع العارضات والممثلات عن ارتداء فساتين من تصميم المصمم الكويتي "جسميكو"، الأمر الذي جعل منه رقما عالميا رفيعا في صناعة الأزياء. لا شك أن أحد أسباب عزوف العارضين السعوديين عن الانخراط في قطاع الأزياء بشكل احترافي هو اعتقادهم السائد بأنه قطاع غير مربح إضافة للتنميط السلبي الاجتماعي حول المنخرطين في هذا القطاع، ولعل الدعم الحكومي قد يعالج المشكلتين، لا سيما أننا في حاجة لعرض هويتنا في محافل الأزياء العالمية أسوة ببقية دول العالم. وفي حين يدّعي الكثير منا أن صناعة الأزياء أمر هامشي، يدرك العالم المتقدم الدور الثقافي والحضاري وحتى السياسي لمنتجات الموضة والأزياء. وهنا أذكر أن رئيسة وزراء بريطانيا "تيريزا ماي" صرّحت إلى صحيفة "التليجراف" بأنها حريصة جدا على شراء المنتجات البريطانية وخصوصا الأزياء، وفي الوقت نفسه لو نظرنا لماركات ملابس المسؤولين العرب لوجدناها جميعها أجنبية، وذلك له تأثير ولا شك في الترويج لها على حساب الهوية الثقافية العربية.

للتواصل أرسل SMS إلى: 815139 جوال 615665 موبايلي – 716262 زين بها رقم 470 ثم مسافة ثم رسالتك

abo0or.3@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia