Al-Watan (Saudi)

نرى ونسمع ونتكلم ولكن لا نتحرك سلمى الشهري

- S.alshehri@alwatan.com.sa

كل الدراسات والتقارير المحلية تؤكد أن نسبة من يعانون من أمراض السمنة في المجتمع السعودي ازدادت بصورة تدعو للقلق، ونحن بدون هذه الدراسات نلاحظ ذلك بمجرد نظرة خاطفة على أي تجمع للرجال أو النساء أو الأطفال، وقد وصلت عند النساء إلى عدد مهول ومخيف جدا، تجاوزت النصف، كما أنها أصبحت من الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا السعودي ككل ولا تقتصر علينا معشر النساء، وباتت هاجسا نفسيا يؤرق مضاجع الجميع من آباء وأمهات ومربين وأطباء ومخططين، لما يترتب عليها من آثار صحية واقتصادية واجتماعية ونفسية تمتد آثارها لأكثر من جيل، حيث تتسبب في زيادة نسبة الدهون وتراكمها بجسم الإنسان، مما ينتج عنها الأمراض المزمنة وأمراض القلب والسكر وغيرها، وأسبابها لا تحصى ولكن أهمها عدم التوازن بين الطاقة المتناولة من الطعام والطاقة المستهلكة في الجسم، وهي تؤدي في النهاية إلى أمراض خطيرة تعرض الإنسان إلى الوفاة لا سمح الله.

ومع كثرة هذه الدراسات والتحذيرات إلا أننا لم نشاهد دراسة تتبعية وتحليلية واقتصادية تكشف بالأرقام الخسائر التي ندفعها جراء تفشي السمنة، وفي المقابل ماذا فعلنا لمواجهة هذا الخطر الداهم والنسبة المتزايدة باستمرار ولا شيء يلوح في الأفق لوقف تدحرج كرة الثلج؟

وحتى نكون على بصيرة، آخر إحصائية من الجمعية السعودية للسكر قالت فيها رئيسة اللجنة النسائية بالجمعية الدكتورة لطيفة الجعفر، إن معدلات السمنة عند المرأة السعودية بلغت 51%، وأن نسبة المصابين بداء السكر وصلت إلى أكثر من 23%، بينما كانت نسبة المصابين فوق سن الـ20 عاما في السعودية 28% من جملة المصابين بداء السكر.

فئة كبيرة منهم من الشباب والأطفال، أين دور هيئة الرياضة؟ أين تقارير وزارة الصحة التي تنادي بالتنبيه لهذه الظاهرة المفزعة؟ أين دور الإعلام في التوعية والنصح والإرشاد بأهمية الرياضة ومحاربة داء المجتمع؟ أين دور هيئة الغذاء والدواء؟ أين دور حماية المستهلك في حمايته من نفسه ومن باعة الغذاء الضار والاستغلال ومن القيود المجتمعية؟

تهميش الرياضة لا يُحسب على قصور دور الجهات المعنية بالتوعية حول أخطار السمنة وأهمية الرياضة صحيا وجسديا، وإنما يجب تفعيل الرياضة في كافة الجهات العلمية والعملية إلزاميا.

الأندية الرياضية النسائية لدينا نادرة وهذه الندرة سمحت لهم بتعميد أسعار الاشتراك باهظة جدا لا تقدر عليها النساء، بالإضافة إلى مشاكل أسعار وسائل النقل إلى مقر النادي.

إن تكلفة التسجيل لشهر واحد في ناد رياضي في مدينة أبها على سبيل المثال دون بعض المميزات تبلغ ألفي ريال، والتوصيل له بألف ريال، أي أن 3 آلاف ريال هي تكلفة ممارسة الرياضة، هل يستطيع معظمنا تحمل هذه المبالغ؟ طبعا لا، وبعضهن لا تتوافر لديهن هذه المبالغ لأولوياتهن فكيف للرياضة، خاصة أن الرياضة أصبحت ضرورة وليست ترفا للطبقة المخملية والنخبة.

المماشي الرياضية مشاكلها أكثر من فوائدها، وهي مصدر خوف للنساء وقلق من الأهالي على ذويهم، لأنها أصبحت مكانا عاما لا يختص بممارسة المشي فقط، إنما مكان للتنزه وجلسات الشواء العائلية، مكان لتجمع وافتراش الشباب فيها، ولا يمكن للمرأة ممارسة الرياضة فيها بسلامة دون تحرش لفظي كأقل مشكلة تواجهها.

الدولة تنفق المليارات على مصاريف وعلاج نتائج السمنة من أمراض مزمنة عضالية فتاكة، لماذا لا نوفر هذه المصاريف مستقبلا عبر دعم مزدوج من وزارة الصحة وهيئة الرياضة للأندية الرياضية الأسرية في القطاع الخاص، وتوزيعها في كل حي أو في كل مستوصف، وتوحيد أسعار الاشتراك وفرض أسلوب ونظام هذه الأندية، وتسليم مهامها والإشراف عليها إلى قسم أو مجلس نسائي ينشأ بهيئة الرياضة، يضطلع بمهام الشابات والنساء ككل ورعاية شؤونهن.

السمنة لم تعد داء بل هي وباء وعامل خطر ينخر في جسد مجتمعنا ونحن نرى ونسمع ونتكلم ولكن لا نتحرك.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia