Al-Watan (Saudi)

أزمة ذوق عام

-

كنت أحتار في المترو، هل من الذوق أن أتكرم على غيري بمقعدي، أم أرتاح وأترك الخلق للخالق؟ حتى حدث ما جعلني أقرر، بضمير مرتاح، ألا أعطي مقعدي إلا لمن احدودب ظهره، أو ظهر حَملها بما لا يحمل الشك.

في أحد أيام الزحام في مترو لندن، أشارت إحدى الشابات إلى أخرى وقالت تفضلي بالجلوس، وأمام نظرات الاستغراب في عين الأخرى قالت لها الجالسة بلطف: لا يصحّ أن تقفي وأنتِ حامل!

وهنا قالت الواقفة: ولكنّي لستُ حاملًا.

هنا، أسُقِط في يدِ الكريمة، واتجهت إليها أنظار كل من في المقصورة، فبدأت المسكينة بالهمهمة والتمتمة، واحمرّت واخضرّت وتصببت عرقا وهي تقول: المعذرة، لا بد أن الهواء رفع المعطف ولذلك ظننتك حاملا، وهنا همس لها الرجل الجالس إلى جوارها بهدوء قائلا: أرجوك اسكتي ولا ترشي مزيدا من الملح على الجرح.

مرت ثواني صمت لم تقطعها إلا نظرات غضب حارقة تعبر المسافة بين المرأتين، حتى توقف المترو وغادرت الواقفة بسرعة في المحطة التالية لتنتهي قصة النية الطيبة بإفساد يوم إحداهن، وتغيير قناعات عدد من الحضور حول أولوية المقاعد.

في المترو أو النقل العام حول العالم، الإرشادات واضحة، فالمقاعد نوعان: نوع قريب من المدخل للمسنين والحوامل ومن لا يستطيعون الوقوف.

أما النوع الثاني من المقاعد، فيخضع للذوق العام في البلد، وغالبا يختار الأصحاء الوقوف وإتاحة الفرصة للأضعف جسديا لاستخدام المقاعد، بغضّ النظر عن نوعه ذكرا أو أنثى.

غرّدت الأستاذة الفاضلة منى أبو سليمان في حسابها الشخصي في "تويتر" عن موقف تعرضت له في حافلة مطار جدة.

القصة أن الأستاذة منى لم تجد مقعدا شاغرا واضطرت هي وبعض السيدات إلى الوقوف، في حين انكفأ الرجال في مقاعدهم متشاغلين كما يبدو بأجهزتهم الذكية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia