Al-Watan (Saudi)

محمد الفيصل حامل لواء الاقتصاد الإسلامي

- فهد الغانم

رحل في بداية هذا العام 2017 رجل بارز من رجال المملكة الأمير محمد الفيصل آل سعود، ثاني أبناء الملك فيصل (رحمهما الله)، ففي الرابع عشر من يناير طويت صفحة ناصعة من تاريخ الاقتصاد الإسلامي العريق، الذي كان الراحل صاحب فكرته. لذا ندين بالوفاء والعرفان لهذا الرجل العصامي الناجح الذي ترجل بشرف ورحل مرفوع الرأس والهمة، وكان ما يشغله حتى آخر لحظات عمره تخصصه الذي أخذ منه الوقت والجهد عبر عمره المديد.

يقول المثل: "أهدني شيئاً جميلاً قبل أن ترحل". رحل سموه بعد أن أهدانا كل شيء، أغلبها لا يقدر بثمن، فهناك أخلاقه وتواضعه، ومحبته للناس ومحبتهم له، ترك إرثاً كبيراً هو علمه وأبحاثه التي سوف ينتفع بها، بعد علومه الطيبة والمباركة.

تولى الأمير محمد الفيصل مناصب رفيعة وبارزة خلال الفترة من 1959 – .1976 وترك بصماته المميزة عليها، أبرزها عندما حول المالح إلى عذب عبر إنشاء محطات التحلية بعد "الكنداسة" مخزون التحلية القديم، ليسهم فيما يعود بالنفع على وطنه وشعبه الكريم.

للمجد حكايات مع سموه، فمن حكاية مشرقة إلى حكاية أكثر إشراقاً فقد انطلق إلى عالم آخر لا يقل أهمية عن سابقيه، ولكن إلى ما هو أكثر شمولية، فكان نصب عينيه اقتصاد أمته الإسلامية فأنشأ العديد من الشركات والبنوك الإسلامية، كان أبرزها بنك "فيصل الإسلامي" وكانت أول فروعه بمصر عام 1977. وترافقت مع هذا العمل أبحاث الراحل في الاقتصاد الإسلامي التي تدرس في أغلب الجامعات العربية والإسلامية.

العمل والأمل هما مطية الراحلين العظماء، فكان عملهم مشكوراً وأملهم الذي وضعوه نصب أعينهم هو اليقين والثقة بأن الله سوف يبارك خطواتهم وجهودهم. فالفيصل وهب جل وقته لدعم حركة المصارف الإسلامية مالياً ومعنوياً عبر الاهتمام والتشجيع المستمر وتقديم الأبحاث وإلقاء المحاضرات للمتخصصين في هذا الجانب المهم في اقتصاديات الدين الإسلامي.

حصل الأمير محمد على جوائز كثر مستحقة وكذلك العديد من شهادات الشكر والتقدير والتكريم الذي يليق به، فهو لم يذهب طواعية إليها، ولكنها تبحث عنه، وكان أبرزها فوزه بجائزة البنك الإسلامي للتنمية عن عام 1426 في مجال البنوك والمالية الإسلامية. وللراحل جائزة مهمة عن أبحاث الاقتصاد الإسلامي تجد أهدافها السامية مدونة على موقع جامعة "عفت" على الإنترنت.

قضى الراحل سنوات عمره في خدمة دينه وأمته ومليكه ووطنه، ونشر له بعض من ذكرياته والتي حملت عنوان "الأمير محمد الفيصل يتذكر" على موقع إحدى الصحف الإلكتروني­ة. كان الأمير محمد متميزاً حتى في مذكراته قارئاً ومتحدثاً ومستذكراً. في عدة جوانب مهمة في حياته العلمية والعملية، تطرق فيها إلى ذكرياته عن الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، وولده العظيم وعن تاريخ المملكة العربية السعودية ودراسته في الولايات المتحدة ثم عودته إلى وطنه.

إن آل الفيصل يرحلون تاركين أثراً لن يمحى بسهولة، فكان الأجداد ومن ثم الآباء ومن بعدهم الأبناء، بعد أن خلدت أعمالهم في هذه الدنيا، وأثروا العالم بفكرهم وعبقريتهم، هؤلاء ملكوا الناس بتواضعهم الجم وأخلاقهم الحسنة التي تربوا عليها على يد الفيصل العظيم، فمحمد الفيصل الذي رحل للدار الآخرة تفوق في الاقتصاد والمال الإسلامي.

وعلى سبيل الذكر لا ننسى (سعود الأوطان) الأمير سعود الفيصل (رحمه الله) رجل الدبلوماسي­ة المحنك، والأمير الراحل عبدالله الفيصل (رائد الحركة الرياضة في المملكة). وندعو لبقية إخوانهم وشقيقاتهم بالصحة والعافية وبطول العمر.

وعندما نتذكر الرحيل ومرارته والفقد وحسرته لا نملك إلا أن ندعو الله جلت قدرته أن يصبّر أهله وذويه، وألا يحرمهم الأجر.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia