Al-Watan (Saudi)

المرأة السعودية بين الأمل والتحدي

Http://www.alwatan.com.sa/info/neqashat.htm

- نورة عسيري

في جلسة مصالحة مع الذات والمجتمع، أعود كامرأة لأقيّم ما سعت المرأة السعودية إلى الحصول عليه خلال الـ15 عاما الماضية، وما وصلت إليه من إنجازات، وهل هذه الإنجازات وصلت إلى مستوى طموحها وآمالها وتطلعاتها؟

وأجدني بين الفينة والأخرى أحتار في تصنيف العقبات ومسمياتها، ما إذا كانت مجتمعية أو نفسية شخصية أو ذكورية، تخشى الدخول في منافسة إثبات الذات التي شمّرت المرأة السعودية عن ساعديها لتخوضها بعقلها وفكرها، مجسدة مستوى النضج الفكري الذي وصلت إليه خلال الوسائل التي عالجت فيها مشكلاتها الاجتماعية والعملية والفكرية والإنسانية.

خمسة عشر عاما كانت زاخرة بإنجاز سيدات سعوديات من فئات عمرية مختلفة، وتوجهات، وفي مجالات متعددة، وبيئات ذات عادات وتقاليد متبيانة، قدّمن كثيرا وبذلن كثيرا ويطمعن أيضا في كثير.

منهن من دخلت في صراع مع ذاتها، وأخريات مع مجتمعهن، ومنهن من تحدين الإمكانات المتاحة والفرص التي سمحت لهن داخل الوطن أو خارجه، ليتصدرن بعلمهن وفكرهن.

ورغم هذا التباين في مستوى الطموح والعقبات والإنجازات وتنوعها، تظل المرأة السعودية في كل منها تحمل رسالة واحدة، وهدف واحد، وهي أنها جديرة بالثقة، وتستحق أن تُتاح لها مساحات ومساحات، وأن تُشرع لها الأبواب لتعبر عن ذاتها التي عانت كثيرا من الضغوطات وتغلبت عليها. لم تعد المرأة السعودية تنظر بمناطقيتها في زمن العولمة، ولم يعد طموحها يستوعب الحدود الزمنية والمكانية التي فرضت عليها، فالفرص أمامها كثيرة، وما حققته بنات جنسها على المستوى المحلي والوطني والعربي والعالمي، يدفعها إلى المزيد.

ماذا تريد المرأة السعودية، وماذا يريد منها الآخر؟

لعلي أقف لأقولها وبصدق، "المرأة السعودية كانت وما زالت تتمنى تحقيق حلمها في التمكين الحقيقي كما خطط له من قيادتنا، وكما وعدت، فمؤشرات تمكين المرأة وخطة التنمية البشرية التي تسير جنبا إلى جنب تقول، إن التمكين الفعلي آت لا محالة، وأصبح أمرا مفروغا منه، فالتنمية البشرية تتطلب وجود الجنسين، ولن تنجح بطرف دون آخر. هذه هي سنة الله في أرضه.

تقف الآن المرأة السعودية على أرض أكثر صلابة، وأرى أن المجتمع برمته بدأ يتغير بشكل كبير، متقبلا وجودها.

لعلنا نعترف أن ثقافة تغيير المجتمعات تحتاج سنوات طويلة جدا، لكن الدعم المعنوي الذي وجدته المرأة السعودية من قيادتها وولاة أمرها، دعمٌ يستحق منها أن تثبت وتؤكد أنها تستحقه، وكذلك الثقة، وعليها أن تترك ما مضى خلفها تماما وتنظر إلى المستقبل، وألا تدخل في صراعات مع مجتمعها لإثبات ما كانت تحرص على إثباته، لأنها تجاوزت ذلك منذ زمن، فلم يعد المجتمع يشكل عقبة كبيرة لها في ظل ما أتُيح لها. لم تعد المرأة بحاجة للبحث والكلام والتنفيس والتعبير، بقدر ما هي مطالبة الآن بتفعيل دورها المنوط بها في التنمية والإعمار، وتسخير كل إمكاناتها، فكل من في هذا الوطن يقفون في صف واحد، ولهدف منشود واحد، يحتاج منا العمل الجاد والإنجازات التي تخضع للقياس المادي لمدى فاعلية إشراك المرأة، وثمرة ذلك على الوطن.

فالطاقات البشرية عامل مهم جدا، إن لم تكن هي رقم واحد في تقدم الشعوب وتطورها، وتظل المرأة أيا كانت تحمل بين ضلوعها قلبا يخفق بالحب لهذا الوطن الكبير، والذي تترجمة بدورها أمُّا أو بنتا أو زوجة أو عاملة، فالرسالة تكاملية شمولية لا تقتصر على جانب دون الآخر، والمسؤولية كبيرة جدا عليها، وهي جديرة بحملها وقادرةٌ على استيعابها، بما هيأها الله به، بعيدا عن المقارنات والمفاضلات التي كانت تختزل دور المرأة في الجانب العاطفي بأنواعه، متجاهلين أن العاطفة ليست عيبا بقدر ما هي ميزة جعلت المرأة خلال عاطفتها تقدم نماذج صلبة في مواقف متعددة غيرت مجرى كثير من الأمم والشعوب.

فالمرأة كيان بشري متكامل، يستحق أن تُتاح لها فرص العمل والتمكين والإنجاز.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia