Al-Watan (Saudi)

فلما عصوني كنتُ منهم

-

عندما يُستهدَف البلد بأمنه ومقدَّراته ومجتمعه، من شذاذ الآفاق، وقطاع الطرق، وأعداء الإسلام، تقتضي الحكمة توحيد جميع جهود أبناء البلد في سبيل صد عدوان الصائل، كل حسب استطاعته، لأن العدو يستهدف الجميع، وتقتضي الحكمة كذلك ترك الجدل البيزنطي، وهو الجدل العقيم، الذي لايستفيد منه إلا الأعداء، فقد كان البيزنطيون يتجادلون في جنس الملائكة، والعدو على أبواب بلدتهم، حتى داهمهم العدو، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يمنع النزاع، لأنه سبب الفشل كما قال تعالى: »ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم«، وكان يمنع المخذِّل والمرجف، لأن إثارة الخلافات والصراعات، وتهويل قدرات عدونا، وتقليل قدراتنا، واتهام مؤسساتنا، هدف رئيس للأعداء، ولهذا فإن ما يَسُوغ من خلافات وقت السَعة، قد لا يَسُوغ في حال الاستهداف، والمصلحة الكبرى تُقدَّم على المصلحة الصغرى، وترتكب المفسدة الصغرى لتفويت المفسدة الكبرى، إن كان لا بد من ارتكاب أحدهما، هذه قواعد شرعية معروفة، بل حتى العرب في الجاهلية يفرقون بين حال السَعة وحال الاستهداف، فهذا الشاعر الجاهلي دريد بن الصمة، قدَّم نصحه ومرئياته ووجهة نظره لأخيه ولقومه واختلف معهم في ذلك، فكان مما قاله: بذلت لهم نصحي بمنعرج اللوى

فلميستبينو­ا النصح إلاضحى الغد لكن لما دهم العدو أخاه وقومه، لم يكن الوقت مناسبا للخلاف، وبيان صواب رأيه لهم، فترك الخلاف حينئذٍ وانضم إلى أخيه وقومه، يُدافع عنهم، ولم يتشمَّت بهم، وقال: فلما عصوني كنت منهم وقد أرى

غوايتهم أو أنني غير ثم قال في حق أخيه: مهتد

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia