Al-Watan (Saudi)

تبرئة الأديان من الإرهاب لا تكفي لمواجهته

-

ربما يكون غريبا بعض الشيء في مجتمعنا المحلي، أن يتم تناول موضوع العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، والتعايش المطلوب فيما بينهم؛ فهذا الموضوع يحتاج إلى فهم خاص، مع قدر (طيب) من الجرأة والشجاعة، خاصة أن قائلا قد يقول، علينا أن نصلح فيما بيننا كمسلمين، قبل أن نتكلم عن هذا الأمر، وربما يضيف موانع أخرى، من جنس الاستدلال بنصوص، لا يتفهم فقهها، أو لا يعرف مدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع.

سيدنا علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ له قاعدة جميلة نصها »الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق«، وهذا النص لمسته بحق يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وأنا أتابع (مؤتمر الأزهر ومجلس حكماء المسلمين)، الذي عقد في العاصمة المصرية، بعنوان (الحرية والمواطنة.. النوع والتكامل)، بحضور أكثر من مئتي شخصية مرموقة من علماء الدين الإسلامي والمسيحي، مثلوا أكثر من خمسين دولة، غالبيتهم من مختلف الدول العربية.

هناك استطاع شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، وبثاقب علمه، وواسع رؤيته، أن يفتح باب أكبر المعاقل الإسلامية العلمية في العالم، لغير المسلمين، ليقول لعلماء الدين منهم، ومن المسلمين »تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفي أمام هذه التحديات المتوحشة، وإن خطوة أخرى يجب علينا أن نبادر بها، وهي: النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياته­ا إلى هذا الواقع المضطرب، وإن هذه الخطوة تتطلَّب تجهيزاتٍ ضرورية، وأولها إزالة ما بين رؤساء الأديان وعلمائها من بقايا توترات وتوجسات لم يَعُد لوجودها الآن أيُّ مُبرِّر؛ فما لم يتحقق السلام بين دعاته أولا، لا يمكن لهؤلاء الدّعاة أن يمنحوه للناس، وأنى لفاقد شيء أن يمنحه لغيره! وهذه الخطوة بدورها لا تتحقق إلا مع التعارف الذي يستلزم التعاون والتكامل، وهو مطلب ديني في المقام الأول.«

ما عندي شك أبدا في أن تعزيز ثقافة احترام الآخر، هو ضرورة من ضرورات الوقت، والحلول من أجل تحقيق العيش المشترك، والقضاء على العنف والفكر المتطرف كثيرة، ومن أهمها تقديم القيم الدينية في صور مستنيرة، وما على علماء الأديان إلا أن يضيفوا إلى مسؤولياتهم الجسيمة، مسؤولية إرساء خطاب عصري منفتح؛ فالتنوع بين الإنسانية أمر لازم، وهذا التنوع لا يعني التباين بين هويات الناس الوطنية، ومنهج حياتهم الحضاري؛ فقد عانى الناس، في كل العالم، بما فيه الكفاية من الفكر المتطرف والمتشدد، وصار واضحا للعيان أن الإرهاب الفكري، هو أكبر مهدد للحياة، والعلماء من مختلف الأديان هم من يكرسون ذلك بتعنتهم، أو يمنعونه بحكمتهم.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia