Al-Watan (Saudi)

الفوضى بديل التراجع الأميركي عن قيادة العالم

-

على حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وفي بقية الأجزاء العالمية أن يعلموا أنه لا يوجد بديل آخر يمكن الاعتماد عليه في حل الصراعات الدولية غير قيادة الولايات المتحدة، وذلك في حال أراد النظام العالمي الحالي الاستمرار في ما هو عليه. بشكل مبسط، لا توجد خيارات أخرى متاحة في أيدي الدول الأوروبية لاستبدال الحليف الأميركي بغيره، بعد أن ظل دعامة أساسية في قيادة العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقد ينتج عن استبداله حالة فراغ مقلقة، ولا يمكن سد ذلك الفراغ إلا بحدوث فوضى وانقسامات وصراعات أكبر من التي يشهدها العالم الآن. إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب إذا أراد استمرار بلاده في زعامة العالم على الأسس والمبادئ التي سار عليها العالم الغربي، فإنه مطالب بالعودة إلى النهج التقليدي لبلاده طيلة العقود الماضية، وإلا فسيخسر الجميع. في الوقت الذي صرحت فيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بأن الوقوف إلى جانب الأصدقاء والحلفاء يعني حمايتهم في دول البلطيق، رأى مراقبون أن هذا الالتزام يعني الدخول في حروب عسكرية لحماية الأوطان على نهج القوى الاستعماري­ة في السابق، مشيرة إلى أن انسحاب واشنطن من التزاماتها سيزيد من مشكلات القوى الأخرى. حينما يخطو الآخرون خطوات مشابهة للخطوات التي نخطوها، فإن ذلك يعتبر سيئا لأميركا وبريطانيا ولكل العالم، في وقت تنتظر فيه قوى أخرى الفرصة للهيمنة وأخذ زمام الأمور العالمية في ظل غياب المنافس الأميركي مثل إيران ورسيا والصين. هذه الأحداث يمكنها أن تضع ترمب في موقف محرج، في وقت أبدى فيه سياسة مغايرة لأسلافه، بعد أن انتقد حلف الناتو وأظهر تقاربا ملحوظا مع الرئيس الروسي بوتين، بينما أظهر حزما أكبر مع إيران، وألمح إلى أن فترة أوباما التصالحية معها انتهت بلا عودة. إن سبب تمسك الدول الأوربية بالاتفاق النووي المبرم مع إيران هو كبح جماح الوجود الإيراني في سورية، والتي استفادت من أموال الاتفاق العائدة إليها في دعم الميليشيات هناك، فيما تتخوف أوروبا من ارتداد الأزمة إليها عبر الخلايا النائمة للمتطرفين في موجات الهجرة الكبيرة، وفي نفس الوقت ستسعى موسكو إلى التنصل من تدخلها العسكري في سورية عبر البحث عن هدن سريعة تضمن وقف إطلاق النار. وبحسب مراقبين، فإن كلا من واشنطن وموسكو والاتحاد الأوروبي يمكن أن يجدوا أرضية مشتركة للعمل معا، عبر اتفاقات تضمن عدم المساس بالمصالح الإستراتيج­ية. وفيما لا تزال الدول الأوروبية تتخوف من تحركات ترمب ضدها، إلا أن خطاب تنصيبه الذي أزال فيه بعض الشكوك حول التزامات بلاده تجاهها، قد يبعث أملا جديدا في العلاقات الثنائية. إلا أن بحث ترمب عن حلفاء جدد لن يزيحوا أهمية الحلفاء التقليديين وأهمية التعاون الذي يقدمونه، وسوف يرى ذلك عبر الممارسة السياسية ومرور الوقت. -كاتبة بصحيفة »جارديان« البريطانية

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia