Al-Watan (Saudi)

علي سعد الموسى

الإسكان في عهد الخليفة عثمان

-

في بحر الأسبوع الماضي احتفى الشعب السعودي واحتسى قهوته حتى الثمالة على وقع تصريحين لوزيرين. في الأول قال معالي وزير الاقتصاد إن البطالة موجودة منذ عهد النبوة، وفي الثاني قال معالي وزير التعليم إن مدارسنا تفتقر لمعلمين حقيقيين. التصريح الأول ومن وجهة نظري كان مجازيا عابرا يمكن لعلي الموسى أن يقوله، أمام ستين ألف مواطن في ملعب الجوهرة فلا يسري به أحد، لكنه مختلف الوقع من لسان وزير، لكن الكارثة أن أحد مناصري معالي الوزير وأظنه بلا ارتباط أو عمل بالوزارة قد خرج إلينا في أحد البرامج التلفزيوني­ة متداخلا معترضا على تحويل كلمة (عهد النبوة) إلى تصوير سلبي لمجرد أن معالي الوزير ربط (العهد بالبطالة). أكثر من هذا يصر صاحبنا على أن معاليه لم يخطئ بالمقارنة ولا الربط في إصرار على تذكيرنا بما هو فطري بديهي في حياتنا ومعتقدنا من أنه خير القرون وصفوة البشر لمن عاشه. وكل ما أخشاه مع هوسنا العاطفي بمصطلحات السلفية والخلافة أن يسكتنا السادة أصحاب المعالي عن نقد المقارنات الخاطئة حين يستخدمون بالاعتساف تلك الحقب التي نكن لها في مخيالنا التاريخي منزلة خاصة، بعدها يظهر لنا من يقرع أقلامنا وألسننا عند الخوض في تصريح الوزير لأنه استخفاف بحقبة زمنية بالغة الإجلال والقداسة. خذ مثلا وسأسرد بعده مقاربات الأمثلة: ماذا لو قال لنا معالي وزير الإسكان إن معضلة السكن موجودة منذ عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وإن مستوى المنتج السكني في برامج الوزارة أفضل مما كان في زمن معاوية، هل سنجرؤ بعدها على المطالبة بإسكان لم يحصل عليه ذو النورين أو كاتب الوحي معاوية؟ ماذا لو قال لنا معالي وزير التنمية الاجتماعية إن برامج الضمان الاجتماعي اليوم لا تختلف عن زمن الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز، حين لم يجد في الأمصار من يقبل الزكاة، هل نلح في مزيد من طلب ضمان أفضل مما حصل عليه الرعية في أواخر أول القرون؟ ماذا لو قال لنا معالي وزير التعليم إن قصور الأداء في جامعة مثل الملك سعود هو نفسه الذي كان في (بيت الحكمة) من أيام هارون الرشيد. هل يحق لنا بعده المطالبة بجامعة تفوق ذلك (البيت) الذي بناه خليفة كان يحج عاما ويغزو في العام الذي يليه، ماذا لو قال لنا معالي وزير النقل إن سيارة واحدة لم تعثر في حفرة على طريق طوال سبع دقائق ما قبل الأمس في رقم تاريخي غير مسبوق رغم أن البغال كانت تعثر على طرق القوافل إلى الشام وبلاد الرافدين في زمن الخليفة هشام بن عبدالملك، هل نجرؤ بعدها على المطالبة بردم آلاف الحفر في حارة المنسك الشعبية ليحصل السادة سكان الحي على ما لم يستطع أن يحصل عليه الفضلاء الكرام من الصحابة. بالبلدي الشعبي في آخر جملة: يا جماعة اركدوا.. لا تكونوا سلفيين خلص في المسجد وخلف الخطيب، وحداثيين عصرانيين في المنازل مع كل تصريح لوزير.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia