Al-Watan (Saudi)

لا حلول لأزمات العالم مع تجاهل التنمية البيئية

- جوليو بوكاليتي

لا يزال العالم يعيش في أجواء من التوتر والانقسام بين القوى العظمى، حيث التنافس على أشده بين الغرب وروسيا، ومستقبل الناتو لا يزال مجهولا، فيما تستمر الأزمة السورية المصدرة لملايين اللاجئين السوريين نحو دول العالم، إلى جانب تصاعد الشعوبية اليمنية المتطرفة وانعكاسات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي. إن المشكلات القائمة في العالم على الرغم من طابعها السياسي الاجتماعي، لا تستطيع أن تكون بمنأى عن مشاكل البيئة التي يعيش فيها الإنسان، في وقت تبقى فيه هذه القضية محل تهميش لدى المفكرين وصناع القرار حول العالم، ولا يعلمون أنها تتقاطع مع المصالح السياسية والاقتصادي­ة والاجتماعي­ة وغيرها. يعد تجاهل القضايا البيئية في عالم مليء بأجواء عدم الاستقرار الجيوسياسي والاجتماعي خطأ جسيما، حيث إن التدهور البيئي والمناخي ما هو إلا نتاج الصراعات والحروب التي يرتكبها الإنسان وتنعكس بشكل مباشر على محيطه الذي يعيش فيه. إن انعدام الأمن البيئي هو مساهم رئيس في انعدام الاستقرار العالمي، على الرغم من التقليل من شأنه في التجمعات والندوات، حيث أصدرت مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين تقريرا مؤخرا أشارت فيه إلى أن الكوارث الطبيعية شردت أكثر من 26 مليون شخص بالسنة منذ عام 2008، وحتى أزمة اللاجئين الحالية تحتضن بعدا بيئيا، بعد أن شهدت سورية موجة جفاف غير مسبوقة خلال السنوات التي سبقت الأزمة، مما أدى إلى نزوح مليون ونصف المليون من السكان المحليين داخليا، نتيجة الجفاف وما أعقبه من ممارسات سيئة على القطاع الزراعي وإدارة الموارد. إن ارتفاع درجات الحرارة نتيجة الاحتباس الحراري وانعدام هطول الأمطار، يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع المنتجات الغذائية التي يستهلكها المواطن البسيط، الأمر الذي سيزيد من شعور السخط لديه، وستندلع الصراعات بين القوى السياسية والاجتماعي­ة، وبالتالي سينعكس هذا الأمر على الأحداث البيئية بشكل مباشر في الوقت الراهن أو المستقبل. ويتساءل البعض، لماذا لا تكون مواضيع البيئة على هرم المواضيع التي يناقشها الخبراء الاقتصاديو­ن، إذ تتصدر هذه القضية كبرى مصادر التوظيف في العالم، ويعمل 20% من سكان العالم في قطاعات الزراعة بواقع مليار نسمة، وبالتالي فإن أي مبادرات لدعم التنمية الاقتصادية يجب أن تدعم انتقال الناس تجاه نشاطات أكثر إنتاجية، في وقت تهدد فيه التكنولوجي­ا المعقدة بتهميش المهن التقليدية، وتجاوز تدريب الناس على تعليمهم كيفية الاستفادة من ثرواتهم الطبيعية، كالأراضي وتجمعات المياه والبحار وتحويلها إلى مشاريع بنيوية استثمارية. إن الأزمات التي تعصف بالعالم المعاصر هي أزمات معقدة، ولكن هنالك أمر واحد واضح وهو أن البيئة مرتبطة بها جميعا والحلول لن تعني شيئا بدون عالم صحي يسمح لنا بتطبيق الحلول لتلك الأزمات. باحث في شبكة بروجيكت انديكيت

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia