Al-Watan (Saudi)

جازان جاهزة الآن قضينا يوما ممتعا في المدينة الاقتصادية، وما كان لنا أن نعرف أن المبنى الصامت قبل أربع سنوات يعج الآن بـ70000 عامل

-

قبل عشر سنوات عرض فيلم أثناء احتفال أهالي جازان بزيارة الملك عبدالله »رحمه الله«. الفيلم شمل مجموعة من المشاريع كانت حزمة من هدايا كبيرة من رجل كبير، جامعة جازان ومطارها الجديد وضاحية الملك عبدالله والمدينة الاقتصادية وميناءها، وما زالت آخر جملة في الفيلم ترنّ في أذن أهل جازان حتى الآن »جازان جاهزة الآن.«

قبل أربع سنوات أثناء عودتي بالسيارة من أبها مع زوجتي، عنّ لنا أن نعرّج على المدينة الاقتصادية، طفنا حول المبنى الإداري الذي شيدته مجموعة الشركات التي سجلت في مشروع المدينة، وكان المبنى مغلقا صامتا في خبت صامت، وانصرفنا صامتيْن مثل المبنى.

تعثر مشروع ضاحية الملك عبدالله، والسبب كما يقول الناس هنا أن الضاحية مملوكة بصك لأحد المواطنين، مع أن أمانة جازان قدمتها كمنطقة مخصصة للسكن، وليس هذا مجاله الآن.

نشأت الجامعة وما زالت تتشكل مبانيها حتى اللحظة، لكن أهل جازان قد ساورهم الشك في إمكانية بدء الشغل في إنشاءات المدينة الاقتصادية، حتى قبل ثلاث سنوات تقريبا حين أوكل الملك عبدالله »رحمه الله« لشركة أرامكو إنشاء المرحلة الأولى من البنية التحتية للمدينة الاقتصادية، وإنشاء مصفاة أرامكو في جازان.

لم نكن نعلم ما الذي يحدث في المدينة الاقتصادية حتى سعدت قبل يومين مع مجموعة من الكتّاب، بتلبية دعوة أرامكو لزيارة مصفاة جازان.

حسنا فعلت أرامكو أن جهزت لنا باصا ينقلنا من مدينة جازان إلى مقر المدينة الاقتصادية، إذ لو انتقلنا على سياراتنا لعدنا محملين بمخالفات مرورية من حيث نعلم ولا نعلم، فمرور جازان هذه الأيام »مستذئب« علينا رغم ما فينا، مما ليس مجاله الآن!.

ملامح أرامكو ستراها في وجوه موظفيها ومعلوماتهم وانضباطهم، وستراها في التنظيم داخل المدينة في العمل والطرقات، وخلايا النحل المنتشرة في كل مكان داخل سور المدينة.

مصنع الصلب ومصنع السكر يعملان بين كثبان من الرمال كالفضة، حافظت الشركة على طبيعتها، ضمن جهودها في صداقة البيئة، وهي صداقة مرعيّة في البر وحتى البحر.

المذهل هو تلك المنشآت العملاقة التي تخص المصفاة، وتمتد على مسافة 6 كلم، تم إنشاء مرفأ خاص لاستقبال المعدات الضخمة، وتولى مهندسو أرامكو الشرح عنها بالتفصيل. طوال الرحلة المذهلة كانت أرامكو تتكلم بلغة عربية سعودية خالصة، والمذهل أكثر أن القائمين على إنشاء المصفاة مهندسون سعوديون، بل إن الذين صمموها مهندسون سعوديون أيضا، وهذا وحده إنجاز يبني الإنجاز!.

حدثنا موظفو أرامكو عن موقع مدينة جازان الاقتصادية الإستراتيج­ي، قربه من البحر الأحمر، إفريقيا، وعن وجود شركات صينية وكورية داخل المشروع، ترى فيه قاعدة للتعامل مع إفريقيا تجاريا.

سألناهم عن مسؤوليتهم الاجتماعية تجاه الناس، فأطلعونا على شاطئ يمتد 1700 متر قاموا بتجهيزه لرواد الشاطئ، على بعد 17 كلم غرب مدينة بيش، وإلى الجهة الشمالية من المدينة الاقتصادية، قالوا إنهم ما زالوا في طور الإنشاءات، وإن مسؤوليتهم الاجتماعية ستكون أكثر وأوضح حين ينتهي العمل في المصفاة.

أرامكو تقوم بتدريب شباب جازان ليكونوا جاهزين للمشاركة في تشغيل المصفاة وصيانتها مستقبلا، وهم يتواصلون مع الأقسام المختصة في جامعة جازان، للتشاور حول ما يمكن إضافته إلى المناهج ويمكن الإفادة منه في تطوير قدرات الطلاب ذات الصلة بالعمل في مصفاة جازان.

قالوا لنا، إن لأرامكو جازان جهدا لتطوير زراعة البن في المنطقة، وإنهم يرغبون -بعد الانتهاء من الإنشاءات- في توسيع إسهاماتهم الزراعية، وقدموا لنا هدايا من البن المزروع في مزارع الدّاير ببني مالك.

قضينا يوما ممتعا في المدينة الاقتصادية بلمسات أرامكو، وما كان لنا أن نعرف أن المبنى الصامت قبل أربع سنوات يعج الآن بـ70000 عامل، وأن الحلم يتشكل على أرض الواقع، لولا جهود العلاقات العامة بأرامكو التي منحتنا الفرصة لنتعرف على ذلك، ونأمل أن تواصل دعواتها، ليس للكتاب فقط، بل لمختلف الشرائح في بلادنا.

اليوم نستعيد بثقة أكبر تلك الجملة الفاتنة التي اقترنت بحضور الملك عبدالله »رحمه الله«: »جازان جاهزة الآن.«

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia