Al-Watan (Saudi)

حارس الملكين في عيون عربي

-

بصحبة زميل وأستاذ جامعة من بلد عربي شقيق، تابعت التقرير القصير الجميل عن (حارس الملكين)، العميد عبدالعزيز الفغم، ظهر الجمعة الماضية على قناة MBC. أكتب فكرة هذا الصباح لأنني لم أكن أتوقع على الإطلاق أن أشاهد وأعيش هذه الدهشة على وجه ومن لسان أستاذ جامعي، وقد عاش بيننا لسبع سنوات ولازال يستغرب أن ينتقل حارس »أبومتعب« رحمه الله إلى حراسة »أبوفهد«. وللإيضاح فهذا الزميل العزيز وافد إلينا من إرث نظام رئاسي بوليسي بالغ القسوة. شعرت وأنا أتحدث معه في ثنايا وبعد هذا التقرير أننا ما زلنا بحاجة إلى شرح البدهيات الفطرية التلقائية في بناءات منظومتنا الاجتماعية السعودية ولمن؟ لأستاذ جامعي عربي يعيش بيننا، فما بالك كيف نشرح ما كان أعقد وأصعب من الصور المغلوطة عن هذا الوطن وأهله إلى الآخر البعيد المختلف. حين قلت له: وما هو وجه الغرابة أن ينتقل عبدالعزيز الفغم من حراسة ملك إلى أخيه الذي يليه؟ أجابني: لا تكن ساذجاً وكأنك لا تدرك ماهية الولاءات في مجتمعاتنا العربية. إجابة صاعقة. قلت له إنني أعرف الكثير من موظفي الديوان الملكي بمختلف الرتب ممن عملوا مع »الملكين« بشكل طبيعي جداً وفي مناصب بالغة الحساسية. رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء مع طاقمه الإداري الضخم عملوا مع ثلاثة ملوك. ولن أكذب أو أتجمل: قد يتغير بعض أو كثير من الوجوه ما بين مرحلتين ولكنها صيرورة التغيير، ونحن هنا أبداً لا نتحدث مطلقا عن الولاءات. هل تتوقع في أوهام الخيال أن يعفي الملك الجديد كتائب الحرس الملكي من أجل مصطلح الولاء. هذا مرض ولله الحمد لم نصل إليه ولن نصل لأنني أعرف طبائع مجتمعنا غيباً وعن ظهر قلب. هل تتوقع أن يسرح الملك الجديد مئات موظفي الديوان الملكي من أجل عقدة هذا المصطلح؟ أبداً وأكاد أجزم أن نسبة الباقين في الجهازين بين مرحلتين تصل لنسبة تشبه نسب الانتخابات العربية. حتى »حارس الملكين« وكما أظن قادم من منظومة الحرس الوطني، لكن هذا لدينا لا أهمية له. لو كان زميلي معي في زيارتي الحد الجنوبي، وبعد هذا الاستغراب، لما أخذته إلى التفاصيل العسكرية من الجبهة، بل سآخذه فوراً إلى الصورة الاجتماعية الخالصة لذلك المساء، حيث ضباط وأفراد الدفاع والحرس الوطني والداخلية في خيمة واحدة وهم يشرحون لنا تشابك المهمة في تنسيق الأدوار دون تفرقة بين فصيل وآخر. خذ في المثال أن رئيس الاستخبارا­ت العامة هنا قادم من منظومة المباحث العامة، وهي أجهزة في المخيال العربي مغلقة في وجه بعضها البعض، بل وتعمل لاختراق بعضها البعض. الخلاصة أنني خرجت من حديثي الطويل مع زميلي بالاقتناع بأن الولاءات المتضادة في هذا العالم العربي هي أحد أسباب صناعة الديكتاتور وحاشيته المتسلطة، مثلما هي فيروس الانقسام الخطير في جسد هذه الشعوب، وكم قادتهم إلى حروبهم الأهلية الطاحنة. لقطة حارس الملكين في عيون هذا الأستاذ العربي تستحق وحدها دراسة مكتملة. almosa@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia