Al-Watan (Saudi)

رابطة العالم الإسلامي: مخالفة حتمية التعايش أنتجت صراع وصدام الحضارات

محبة الخير نزعة الشر تحفيز الفكر

- ديربن: واس

دعا الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريــ­م العيسى، العلماء والمفكرين إلى مواجهة الحواضن المشــجعة على الكراهية، مبينا أهمية دور الشعوب الواعية التي تمثل منظومــة العلماء والمفكرين ومؤسســات التعليــم ومنصات التأثــير في محاربة الكراهية التي سببت الكثير من المآسي، وأوقدت الكثير من الحروب. جــاء ذلك في كلمة للعيسى خلال المؤتمر العالمي عن »التعايش الاجتماعي وتنوع الديانات« الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في مدينة ديربن بجنوب إفريقيا، بحضور شــخصيات حكومية وأهلية ودينية وفكرية وثقافية من جنوب إفريقيا وخارجها، وجمع غفير من ممثلي المنظمات الدولية المعنية بالجوانب الدينية والثقافية في العالم. قال العيسى: الإسلام يؤكد على ضرورة الأخذ بقيم التســامح والتعايــش واحترام حقوق الإنســان في كل ما يشــمله مفهوم الكرامة الإنســاني­ة، واســتفاد التطرف من ظاهرة الكراهية لأنها دعمــت نظرياته وزادت من أتباعه، حيث يقوم الإرهاب على أســاس أن الآخر يكرهنا ويحاربنــا، وعندما يكون هذا واقعــا فإنه يصدق نظريــة الإرهاب، لذلك لا بد مــن مواجهة الكراهيــة بعزيمة قوية ووعي كامل بمخاطرها حتى نعيش بسلام. وأضاف أن التعايش الإنساني ضرورة حتمية لا بد للعقلاء أن يتحدوا لتحقيقه، مشــيرا إلى أن المســلمين في جنوب إفريقيا نموذج رائع لتطبيق تعاليم الإسلام وحسن التواصل مع الجميــع، حيث مثلوا المعنــى الرائع لمفهوم المواطنة، وبادلهــم مواطنوهم من مختلف الأديان نفس المشــاعر، وحتميــة التعايش الإنساني لم يستوعبها الكثير بالرغم من عظة التاريخ ومآســيه، حيث إن الصراع الإنساني يقوم معظمه عــلى صراع الأفكار، كما يقوم أيضــا على المطامع السياســية التي وظفت الأديان غطاء لمصالحها المادية. قــال العيسى: لا بد مــن تعلم قراءة أفكار الآخرين وإحسان الظن فيهم، وأن نحبهم مــن منطلق محبة الخير لهم، وأن نتــداول الأفــكار والآراء بتجرد، وألا يحجبنا عن الحق كراهية ولا تعصب ولا مطامــع مادية، وأن نُعلم الناس ذلك، خاصة الشباب، وأن القناعات لا يمكن فرضها إنما يمكن التقارب حولهــا بالحوار للإقناع بها أو تفهمها أو التعاون على مشتركاتها وغاياتها الإنسانية. أوضح أمين عام الرابطــة أن مخالفة حتمية التعايش انتجت صراع وصــدام الحضارات الــذي خلف الكثــير من المآسي والحروب، لافتا النظر إلى أن من أســباب هذا الصراع تقصير دور التعليم عن اتخاذ خطــوات إيجابية نحو تحفيز التفكير في عقول الأجيــال بعيدا عن البرمجة والتلقين، لكي يفكروا ولا يكونوا أداة سهلة لأي توظيف يدار عن طريق تكثيف التأثير أو إثارة العواطف أو الإيحاء عن طريق ما يسمى بالعقل الجمعي. وأفاد بأن من أســباب الصراع مقاومــة التغيير، موضحا أنه عندما يكون الإنسان على سلوك معين أو رأي معين فإنه يحتاج إلى تعليم وبيئة ناضجة وواعية حتى لا يكون رافضا لأي فكرة أو رأي إيجابــي لمجرد أنه يختلف مع ثقافته، لأن الانفتاح على الآخرين ودراســة ما لديهم من الأفكار والآراء يعكس مستوى الوعي وسلامة البيئة التعليمية، والانغلاق من الأسباب الرئيسية للصراع، وإيجاد الكراهية وإنتاج التطرف المضاد. طالب أمــين عام الرابطــة بمواجهة نزعة الشر الموجودة لدى بعض البشر التي لم تهذبها القيم الدينية، مبينا أن المسؤولية الأكبر تقع على البيئة المنزلية والمناهج التربوية في مؤسسات التعليم التي من الواجب عليها أن تكون في الخط الأول لمواجهة هذه النزعة المتوحشة في بعض النفوس البشرية، مفيدا بأن الله تعالى أرسل الرســل والأنبياء لإصلاح البشرية، حيث قال النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم: »إنما بعثت لأتم مكارم الأخلاق«، وهذا النص وغيره يشير إلى أن رسالة الإسلام مكملة لثوابت دينية وقيم أخلاقية سابقة. ولفت النظر إلى أن من أسباب الصراع أن البعض لم يســتوعبوا سنة الخالق في وجود الاختلاف والتنوع والتعددية، والدين الإســلامي يحتضــن الجميع ويتجاوز الخصومات ويحترم الجميع، ونصوصــه تدعو للمحاورة والســلم والمصالحة، وتؤكد على أن الاختلاف من طبيعة البشر ومن طبيعة هذا الكون.

 ?? (واس) ?? العيسى مستمعا لتلاوة أحد مسلمي جنوب إفريقيا
(واس) العيسى مستمعا لتلاوة أحد مسلمي جنوب إفريقيا

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia