Al-Watan (Saudi)

إهانة الأسد لبوتين لن يتجاوزها الروس

-

أصبح مصير العلاقة الأميركية الروسية رهناً باستخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، حيث إنه في عام 2013، وبعد الهجوم الرهيب بغاز السارين من الجيش السوري على الغوطة الشرقية الذي أسفر عن مقتل 1500 شخص، أمر الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما بشن ضربات صاروخية على سورية لكنه وافق على عرض من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتدمير أسلحة الرئيس السوري بشار الأسد تحت إشراف دولي. إلا أنه في هذه المرة، موسكو وواشنطن في مواجهة جديدة حول الضربات الصاروخية الأميركية على قاعدة جوية سورية انتقاماً لما يبدو أنه هجوم كيميائي من الأسد في 4 أبريل على مناطق في إدلب تحت سيطرة المعارضة. وأسفر الهجوم عن مقتل أكثر من 70 شخصاً، بينهم الكثير من الأطفال. لم يكن مفترضاً أن تتخذ الأمور هذا المنحى، حيث إن قتال داعش كان يفترض أن يعاود إطلاق العلاقة الأميركية الروسية في ظل إدارة ترمب، كرئيس أظهر حتى بعض الرغبة في العمل مع الأسد لمحاربة الإرهاب. وقبل أيام من الهجوم الكيميائي، أقر البيت الأبيض ووزير الخارجية تيلرسون بـ»الواقع السياسي لبقاء الأسد« في السلطة بينما كانت موسكو تتطلع إلى إعادة الانخراط مع الولايات المتحدة انطلاقاً من هذه المساحة المشتركة بينهما، قبل أن يأتي الهجوم الكيميائي في إدلب ويغير كل شيء. لقد أفرز هذا الهجوم تغييرا جذريا في الموقف الشخصي لترمب حيال سورية والأسد، وجعل من الصعب إيجاد مفر من عمل عسكري لمعاقبة النظام السوري وردعه عن مزيد من الهجمات، وحشر ترمب نفسه سياسياً من خلال لومه أول الأمر »أوباما على رده الضعيف« وعلى قراره عدم معاقبة الأسد على استخدامه السلاح الكيميائي، بضربات صاروخية. كان على ترمب أن يثبت حزمه من خلال إطلاق رد عسكري على العمل الرهيب للأسد، الذي تجاوز الكثير من الخطوط الحمراء. وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بجرأة إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية معنوية عن موت المدنيين في الهجوم. وتزيد الأمور سوءاً، دعوته إلى إعادة النظر في دعمها للأسد الذي »يجب ألا يضطلع بدور في حكم الشعب السوري«، حتى إنه فتح الباب أمام تغيير النظام في سورية من طريق »عمل دولي.« روسيا لا تزال تدافع عن النظام السوري، لكن الأسد ربما بالغ هذه المرة في اللعب. وقلل من احترام بوتين من خلال جعله يبدو كأنه عاجز عن ضمان اتفاقية الأسلحة الكيميائية مع واشنطن، فضلاً عن التواطؤ مع الأسد لانتهاك الاتفاقية. لقد أذّل الأسد بوتين قبل أن يُضعف ترمب الرئيس الروسي. إنها إهانة لن يبتلعها الزعيم الروسي أبداً. ثمة شعور سائد بين اللاعبين الروس مفاده أن الأسد لجأ متعمداً إلى عرقلة عملية السلام في أستانة التي استثمرت فيها موسكو وأنقرة الكثير سياسياً. أما الأسد وطهران فإنهما يريدان نصرا عسكريا كاملا لا اتفاقا لتقاسم السلطة مع الثوار المهزومين. إن الأسد وداعميه الإيرانيين لم يأخذا عملية أستانة على محمل الجد، وكانا مستاءين من روسيا وتركيا لأنهما كانتا في الواجهة. من المؤكد أن بوتين سينتظر تيلرسون من أجل تقويم ما إذا كان من الأفضل لروسيا معاقبة الأسد باسم اللعبة الكبرى مع ترمب. وتبدو أسهم بوتين حالياً أفضل مما كانت عام 2013 عندما فعل المستحيل لمنع الضربات الأميركية بحيث لا يبدو عاجزاً عن منعها. وما تغير من 2013 وحتى الآن هو أنه لم يعد لدى الولايات المتحدة خيار عسكري جدي ضد الأسد ولا شهية لها لإزاحته بالقوة، وهذا ما يجعل مصالح روسيا آمنة. صحيفة موسكو تايمز الروسية

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia