عن الحل الاقتصادي

من ليس متخصصا في الاقتصاد وتُعَدُّ القراءات الاقتصادية له شيئا من الثقافة العامة وزيادة الاطلاع، يُصاب كثيرا بالذهول وهو يتجول بين المواقع الإلكترونية المتخصصة ويقرأ إحصاءات الفقر في أوروبا وحجم الدين العام في هذه الدول ونسبته إلى الناتج الوطني، فالولايات المتحدة الأميركية التي تخوض حروبا طويلة المدى وتُقَدِّم منحا مالية ومساعدات عسكرية للكثير من دول العالم يعيش فيها قريبٌ من السبعة وأربعين مليونا من الأميركيين عند خط الفقر أو تحت خط الفقر، وهو ما يقارب سدس عدد السكان.

كما أن دَيْنَها العام بلغ 20 تريليونا من الدولارات، أي أكثر من ميزانية دولة، كالمملكة آلعربية السعودية بعشرين ضعفا، وهو ما يعادل ما تنتجه الولايات المتحدة بكامل قطاعاتها الإنتاجية في عام كامل، بمعنى أن الدَّين العام يساوي 100% من الناتج الوطني.

ويبلغ الدين العام على فرنسا ألفي مليار يورو، ما يعادل 95.1% من الناتج المحلي، وتبلغ نسبة فقرائها 14% إلى عدد السكان، أي ما يزيد على 9 ملايين نسمة، وهي أيضا دولة تخوض حروبا وتستقبل لاجئين وتُقَدِّم إعانات كبيرة لكثير من دول العالم، لاسيما تلك التي كانت مستعمرات فرنسية سابقة.

ويبلغ الدَّين العام في إيطاليا 2017 تريليون يورو ويعادل 132% من الناتج المحلي، وعدد فقرائها 4.5 ملايين، أي 7% من تعداد السكان.

وفي إسبانيا يبلغ الدين العام 1.106 تريليونات يورو ويشكل 99.4% من الناتج المحلي، أما نسبة الفقراء فيتجاوزون الـ20% من إجمالي عدد السكان.

هذه أمثلة وإلا فمعظم دول أوروبا والأميركتين، إن لم نقل كلها، تعاني من المشاكل نفسها بِنِسَبٍ مختلفة، وحين تَقْرَأ حول التدابير التي تواجه بها هذه الدول الكبيرة تلك المشكلات مع تعاقب الحكومات في كل دولة تجدها متشابهة جدا وقليلة الجدوى، فالدَّيْن العام والفقر والبطالة كلها مستمرة في الارتفاع بشكل رتيب، وليس يعني ذلك عدم تحقيق نجاحات يسيرة في الإصلاح، بل هناك نجاحات، لكنها غالبا لا تستمر أكثر من سُنَيَّات ثم يعود الأمر أسوأ مما كان عليه.

كما أن هذه التدابير قريبة الشبه من بعضها في كل الدول وكل الحكومات: خفض مستوى الفائدة أحيانا ورفعه أحيانا عرض ميزانية الدولة على هيئة سندات تخصيص القطاع العام أو أجزاء منه، رفع الرسوم على الخدمات وضريبة الدخل، وضع قيود على الاستهلاك المحلي كرفع الدعم عن بعض السلع مع دعم التصدير الزراعي