Al-Watan (Saudi)

أوراق جافة

الأوامر الملكية بين الحزم واللين

- فاطمة آل تيسان

شغف، ترقب، أمل، كلها مشاعر يعيشها المواطن السعودي لحظة الإعلان عن صدور أوامر ملكية، وهي في حقيقة الأمر تستحق ذلك الخليط من المشاعر، لما تحمله من قرارات حاسمة وتغييرات جذرية، تشمل جميع الجوانب التي تتعلق بالمواطنين من نظم إدارية واقتصادية وأمنية، ونستطيع القول إنها خارطة طريق يتضح معها الواقع بتغيراته الطارئة أو المستديمة، ومع ما فيها من قرارات قويه إلا أنها لا تخلو من البشائر التي تأتي لتشبع نهم المراقب بما يرسم البهجة في نفسه، ويبث الطمأنينة بأن المستقبل سيكون جميلا بما يكفي ليعيش حياة آمنة. الأوامر الصادرة مؤخرا كانت مختلفة من حيث الشمول والقوة، وبما جاءت به بشائر لم تخل من الحزم في تنفيذ النظام بحق المخالف حتى وإن كان من ذوي المناصب العليا، وهذا الأمر أثار في نفوس البعض الخوف من تجاوز النظام، لأنه سيكون هناك عقاب، وفي آخرين الأمل أن هذا الملف الضخم الذي تجاوز الحد في تحمله يحظى بالمعالجة الجادة، قد يكون المشوار طويلا لكن القوة في تنفيذ الجزاء تختصر الزمن، ولن نقول إننا سنصبح في يوم وليلة مجتمعا مثاليا، وكل أفراده نزيهون جدا، لكن في تطبيق الأنظمة ضبط للمخالف وقضاء على مشاكل يعاني منها مجتمعنا بسب تجاوزات أو ممارسات يرتكبها البعض ظنا منه أنه في مأمن من أن تطاله العقوبة، وحتى نكون منصفين فالمخالفة ليست بالضرورة صادرة عن فرد أو جهة لها حضورها القوي، بل حتى الشخص العادي قد يخالف النظام ولو بشكل غير ملاحظ، لكن لو أدرك أن هناك ملاحقة وجزاء لما ارتكب المخالفة، فالوضع سيكون مختلفا، بل سيفكر عشرات المرات قبل أي فعل فيه مخالفة لنظام ما، ومن ضاق ذرعا في بداية تطبيق القوانين الرادعة لتجاوز ما، فسوف يألفها في النهاية، بل قد يطالب بها إن لم تكن هناك عقوبة، لما تسهم فيه من تنظيم وعدالة تشمل الجميع دون تمييز، والحقيقة تقول إن واقعنا اليوم لم يعد هو ذاته قبل سنوات، فاليوم هناك حركة تغير ونمو هائلة تفرض علينا تقبل إفرازات هذا التطور، والتي منها إظهار الخلل علنا بحيث يصعب إخفاؤه، ففي كل زاوية عين راصدة تلتقط الصورة حية ثم تنشرها في ثوان معدودة ليشاهدها الملايين، والذين فيهم من لا يسكت عن خطأ أو تجاوز شاهده بأم عينه، لذلك لن يتقاعس في عملية إيصاله للمسؤول مهما كلفه ذلك من جهد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia