Al-Watan (Saudi)

علي سعد الموسى

ضمير متصل بناء على طلبه

-

هل استوعب كارتيل الفساد كل ما يعنيه الأمر الملكي بمحاكمة وزير؟ وهل أصيبوا بالصدمة المطلوبة حين تصل المحاكة مباشرة إلى الكرسي الأعلى في وزارة؟ هل فهم هؤلاء أنها المرة الأولى في تاريخ الإدارة السعودية التي يكون فيها صاحب المعالي تحت التحقيق والمساءلة؟ هل قرأ كل في منصبه، أيا كان هذا المنصب صغيراً أم كبيراً أننا بتنا في العامين الأخيرين بالتحديد نستمع إلى أوامر الإعفاء الملكية المتتالية دون أن تكون متبوعة بالديباجة المطاطية المألوفة (بناء على طلبه)، واستوى في ذلك وزراء وأمراء دون تمييز أو مجاملة، كانت جملة (بناء على طلبه) تحفظ ماء الوجه وتضع ستاراً رمادياً لإخفاء دواهي ومصائب كل من رأى ولي الأمر عدم ملاءمته للمنصب، وهنا أشهد أن صاحب القرار الأعلى ظل متسامحاً، ولكن هؤلاء لم يدر بخلدهم أبداً أن للحلم حدودا وأنه سيقول بكل الحزم: كفى، ها نحن في ليلة تاريخية واحدة لم ندفن فحسب عبارة (بناء على طلبه) بل أيضاً قرأنا استبدالها (بمحاكمته). ها هو الحاكم يرفع الحصانة التي كان كل من دخل الوزارة يظن أنها تلقائية مفتوحة، فهل استوعب كل من تحت لقب (المعالي) البراق أنهم، ومن اليوم، تحت المجهر. الدرس الأهم هو، أن نجعل من المنصب أو الوظيفة، كبيرة كانت أم صغيرة، مغرماً لا مغنما، وأن نجعل من السباق إليها خطوة يحسب لها الساعي إليها ألف حساب، وخذ في المثال، أن في البلد أربع أو خمس جهات رقابية »لا أعلم العدد بالضبط« على أداء الموظف ونزاهته وسلامة يده، ولدينا في المقابل ما يقرب من ثلاثين وزارة ولكنني وفي حدود ما أقرأ وأستمع، لم أقرأ ولم أسمع أن وزيراً واحداً قد أحال واحداً من مديري العموم تحت مظلته إلى التحقيق والمساءلة، إما أن أصحاب المعالي لا يقرأون خراج هذه الجهات الرقابية المختلفة، وإما أن هذه الجهات الرقابية تسكن المريخ بينما الوزارات تعيش على كوكب الزهرة، ثم انتبهوا جيداً للإحصائية التي تقول إن أكثر من 90 % من مديري العموم الممثلين لوزاراتهم في المناطق المختلفة لا يتقاعدون إلا بقوة النظام بعد بلوغ الستين، ثم أضيفوا إليها النكتة اللذيذة، أن قطاعا عريضا من بين هؤلاء يطلب التمديد لسنة إضافية مثلما يسمح النظام بالاستثناء، هل البلد في ندرة مواهب وكفاءات أم أن هؤلاء لا يريدون أن يحرموا الشعب من خبراتهم وقدراتهم الاستثنائي­ة الخارقة؟ هل هؤلاء بهذا التشبث المخيف على الكراسي حريصون علينا أم على (لحمة) الوظيفة والمنصب؟ وكل ما يفعله أصحاب المعالي في بعض الأحيان مع مثل هؤلاء ليس بأكثر من الاستبدال مع تحويل السابق إلى رتبة »مستشار«، لا زال هؤلاء يعيشون مرحلة »بناء على طلبه« بينما وصل ولي الأمر إلى مرحلة »محاكمته«.

almosa@alwatan.com.sa

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia