Al-Watan (Saudi)

خطباء الجمعة بين المنهج والعلم والأداء

Http://www.alwatan.com.sa/info/neqashat.htm

- عبدالله الرشيد

منذ زمن طويل ونحن نكتب ونطالب مناشدين من يهمه الأمر بأن يكون هناك تأهيل جيد لخطباء الجوامع وتوجيههم إلى الاهتمام بمادة الخطبة، والتحضير اللائق بها لتلبي رغبة المصلين في خطبة جامعة نافعة.. وموضوع الخطبة بصفة عامة لم يكن الحديث أو التطرق إليه وليد اليوم، ولكن نظرا للحساسية المفرطة والاتهامات المتسرعة الجاهزة التي يجابهها عادة كل من يتعرض لتقويمها كانت في الماضي تحد من عزيمة البعض أو تجعله مترددا وحذرا، وفي أكثر الأحيان لا تجد صدى أو تجاوبا من المسؤولين.

أذكر على سبيل المثال أنني كتبت سلسلة مقالات تحت عنوان -خطبة الجمعة إنارة لا إثارة- منذ حوالي عشرين عاما قلت فيها ما معناه أن الكثير من الخطب تجلب الملل والنعاس للرتابة والضعف في المادة وطريقة الأداء، وبعضها يطفح بالمبالغة الشديدة وتنفخ في مواضيع يندر حدوثها في مجتمعنا، ويعرضون تفاصيلها وفق هواهم وكأنها ظاهرة عامة وليست شاذة ونادرة، وهناك خطباء لا همّ لهم إلا التشهير بطريقة أو بأخرى بمن يخالفهم الرأي، وقد أشرت إلى أكثر من عشرين آفة اجتماعية تنخر في جسد المجتمع وفي حياتنا العامة لا يتطرق إليها الخطباء إلا على عجل أو في فترات متباعدة، وهي تفوق في خطورتها أضعاف تلك المسائل الصغيرة الهامشية التي يهتمون بها، والتي تصب في غالبها في مجال الإثارة و»الشوشرة«، حيث يصب بعضهم جام غضبة على ما تنشره بعض الصحف من آراء لبعض الكتاب إذا ما كانت لا تتفق مع ميولهم وتوجهاتهم الخاصة، معتبرين في قرارة أنفسهم منابر الجمعة ملكا خاصا بهم ونافذة مفتوحة لهم وحدهم، وأنهم معصومون من المساءلة، وأن المستمعين لهم سيأخذون كلامهم على محمل القبول والتأييد.

ومن هنا نعود إلى موضوعنا حول الخطبة وتعديل وتحسين مسارها لتحقق الهدف المنشود منها. لقد لاحظنا ببالغ الأسف منها أن بعض الخطباء يتطرقون إلى موضوعات مكرره لا يستفيد منها الناس، وبعضهم يتعرض لموضوعات وكأنها نشرة أخبار سياسية. فقد عشنا ردحا من الزمن لا نجد في بعض هذه الخطب إلا سرد المبالغات ومسلسل التهويل والإثارة، وكيل الشتائم جزافا، شرقا وغربا، على أصحاب الديانات والملل الأخرى، غير مبالين بمن يعيشون منهم ويعملون بين ظهرانينا وتعدادهم بالملايين، لم نستثن أحدا معاهدا أو غير معاهد، ذميا أو غير ذمي، يتساوى المسالم وغير المسالم من جاء بعقد أو بغير عقد، مما أكسبنا في النهاية الأعداء من كل جانب والمضايقات في كل مكان .

والحصيلة بالتالي هو الشوشرة على عقول وتوجهات ناشئتنا الأغرار، فغرسنا حب الانتقام والتشدد والحقد في نفوسهم وسلوكهم تجاه الغير، الأمر الذي جعل فئة لا يستهان بها منهم مطية أو لقمة سائغة وأداة مطواعة لأصحاب بعض التوجهات المتشددة لأهداف شتى، الله أعلم بحصادها ونهايتها. ولمزيد الإيضاح نقول هنا ماذا استفدنا من صب اللعنات جزافا بدون تمييز، وزرع العداوات وكيل الاتهامات بلا حدود وكيف، والحالة هذه نستلطف قلوب أصحاب الديانات الأخرى من حولنا ونشرح لهم محاسن الإسلام، دين الرحمة والشفقة والهداية والعدالة والإنسانية والحكمة والموعظة الحسنة، ونحن لا نكف نسمع بين وقت وآخر بعض الخطب والأشرطة أو نقرأ في الكتيبات المتناثرة في كل مكان وهي تكيل وتصب الشتائم بأقذع الألفاظ لهم ولدياناتهم.

بقي في النهاية أن نضيف إلى ما ذكرناه سلفا بعض الاقتراحات:

1. يلاحظ أن كثيرا من الخطباء غير متفرغين لوظيفة الإمامة فلديهم وظائف وأعمال أخرى، ومن هذا المنطلق فهم لا يعطون الخطبة الاهتمام اللائق بها.

2. هناك بعض الأئمة غير مؤهلين للخطابة ولا يثرون ثقافتهم بالاطلاع وحسن الاختيار للمواضيع الحيوية اللائقة، ولا يستعينون بمن هو أكفأ منهم.

3. يجب الاستعانة بطبع خطب أئمة الحرمين الشريفين والخطب المشهورة عن كبار الخطباء المشهود لهم بالباع الطويل والكفاءة وتوزيعها على أئمة المساجد.

4. يجب أن تكون الخطبة مكتوبة وذات زمن محدد رأفة ورحمة بالمصلين الذين يعانون من أصحاب الإطالة وما أكثرهم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia