Al-Watan (Saudi)

ما حقيقة موقع روسيا كقوة عظمى في العالم

-

روسيا لا تجذب مهاجرين من البلدان المتطورة، كما أن شبابها المتعلم جدا يسلك طريق الهجرة، وبالتالي فإن روسيا باتت في حقيقة الأمر معزولة أكثر ممّا يعتقد النقاد والسياسيون، وإن »العقوبات وموقع روسيا المنعزل في الأمم المتحدة، والتمتع بحليفين فقط، هما إيران الثيوقراطي­ة والمنظمة الإرهابيّة حزب الله، هي فقط رأس جبل الجليد .« عدد الناطقين باللغة الروسية أو المهتمين بالثقافة الروسية يتراجع على الصعيد العالمي، وبدأت عدة دول سوفياتية سابقة بالانتقال إلى استخدام الأحرف اللاتينية، إضافة إلى خسارة روسيا مونتينيغرو مع انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ورفض صربيا - غير الرسمي بعد للكتابة السيريلية، تعطي هذه التطورات مؤشرات لعزلة روسيا المتنامية لا سياسيا واقتصاديا فحسب، ولكن أيضا ثقافيا ومعنويا. الرئيس الأميركي دونالد ترمب وصف روسيا بأنها »دولة قوية«، لكنه أضاف أن الولايات المتحدة »دولة قوية جدا جدا«، غير أن كل شيء نسبي، حيث إن روسيا بالطبع أقوى من العديد من الدول، لكنها أضعف مما تدعيه، حيث ما زال بإمكان روسيا أن تدمر جميع الكائنات الحية على الكوكب بترسانتها النووية، لكن من غير المرجح أن تفوز بحرب ضد عدو جدّي. حاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف التي »صدمت العالم بأعمدة دخانها الكثيف وخسارتها طائرتين لا في قتال، وإنما بسبب أعطال تقنية، أظهرت للعالم بوضوح حالة التسليح الروسي«، كما أظهر إعلان ديمتري روغوزين نائب رئيس الوزراء لشؤون التصنيع العسكري، عن خطط لبناء قاعدة على القمر، درجة التطور والوضوح الفكري داخل القيادة الصناعية العسكرية. روسيا لا تستطيع تأمين أموال لبناء الجامعات والطرقات في دول أخرى من أجل ترويج نفسها وسياستها، فمع 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لا تستطيع موسكو تأمين الأموال لبناء الكثير، وبالتالي فإنها تملك فقط الكثير من المال لتشتري بعض المسؤولين، الأمر الذي يؤدي بشكل حتمي إلى فضائح وإضرار بالسمعة. إن الجاذبية الكلّية لروسيا تقلصت إلى الحدود التي تملكها دولة من العالم الثالث، فهي لا تجذب مهاجرين من البلدان المتطورة، كما أن شبابها المتعلم جدا يسلك طريق الهجرة، وإن الأمر الوحيد الذي يبقي شركاء روسيا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي هو وعد روسيا لهم بمساعدتهم في القضاء على الثورات الملونة، وكل ذلك هو نتيجة منطقية لنمط السياسات الروسية. يجب الانتباه إلى مشاكل روسيا الخاصة، بما فيها ضعفها الخاص الذي يمكن أن يساعد النظام للتحرك بطريقة بناءة، والعمل بجدّ وخلق تحالفات قد تمكّن الدولة من تخطي التحديات التي تواجهها، وعلى الرغم من ذلك اختارت السلطات الروسية مسارا مختلفا وهو لوم الجميع في العالم باستثناء نفسها وإبداء عدوانية مفرطة، ويبدو أن القيادة الروسية ترى الخوف كمرادف للاحترام.

سياسي روسي - صحيفة موسكو تايمز الروسية

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia