Al-Watan (Saudi)

الجواب ما ترى لا ما تسمع

-

عظماء التأريخ لا يأبهون بالظواهر الصوتية، ولا ينبهرون بزخارف القول سواء غُلِّفت بعباراتٍ أرقّ من الحرير، أو بتهويلاتٍ أشد من الحديد، إنما يهتمون بالحقائق والأفعال، وقد جاء في كتب التاريخ أن ملك الروم نقفور، كتب إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد كتابا أظهر فيه سبك الكلمات، وقوة المصطلحات، وأبَُّهة العظمة والتهديد، فلما قرأه هارون الرشيد أجابه بجملة واحدة، كتبها على ظهر كتاب نقفور، وأعاده إليه، قال فيه (الجواب: ما ترى لا ما تسمع)، ثم شخص من فوره، وسار حتى نزل باب هرقله ففتحها، فطلب منه نقفور الموادعة، على خراج يؤديه إليه كل سنة.

والأمير محمد بن نايف ـ حفظه الله ووفقه ـ هو أحد هؤلاء العظماء، يسمع كما نسمع تهديدات التنظيمات الغالية، والجماعات المنحرفة، والأبواق الحاقدة، المتربصة بأمن المملكة العربية السعودية، فيجيبهم بما يرون لا بما يسمعون، وذلك بقطع كل أصبع تشير إلى بلادنا بسوء، وبإخراج المجرمين من جحورهم وأوكارهم، ومن ثَمَّ استئصال شأفتهم، وقطع دابرهم، هذا أمرٌ مشاهد لكل أحد، وآخر ذلك ما رأيناه من إنجاز أمني أطاح بالعناصر الإرهابية في حي الحرازات بجدة، وهو إنجازٌ غير مستغرب، لكنه مقدَّر ومشكور، فهذه الإنجازات الأمنية مصدر ثقة وراحة وطمأنينة، لكل مواطن ومقيم في هذه البلاد، ومن عظمة هذا الأمير الموفق أنه لا يبتدئ أحدا بعدوان، بل يدفع بالتي هي أحسن، ويصبر، فإذا لم يعد للصبر موضع، بأن سولت لأحدٍ نفسه الإساءة لأمن المملكة، ضرب بيدٍ من حديد، فكانت ضربته بحمد الله هي القاضية، وهو مع هذا ـ وفقه الله ـ رجل عملي، يعمل بصمت، ويصل إلى الحقائق دون تهويل، أو تزويق للكلام، وهذا هو منهج هذه القيادة، فقد قال الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله (أنا ترعرعت في البادية، فلا أعرف تزويق الكلام، ولكني أعرف الحقيقة عارية من كل تزويق)، وشعب المملكة العربية السعودية كقيادته بحمد الله، يعرف الحقيقة دون تزويق، وهذا لا يمنع من التذكير بها، فالذكرى تنفع المؤمنين، وتبطل خداع المضلين، فمن الحقائق الثابتة ما يلي:

الحقيقة الأولى: أن بلادنا وقادتها آل سعود، مصدر خير وعزة للإسلام والمسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها، هذه حقيقة ناصعة، يراها العالم منذ ثلاثمئة سنة ولا يزال إلى

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia