Al-Watan (Saudi)

صاحب الفكر السطحي هو ذاك الشخص الذي يفتقر إلى العمق الفكري والفضول. عندما يكون التفكير سطحيا تنتج عنه حياة سطحية بلا ركيزة أو أساس

-

فغضب الضفدع، واتهمه بأنه لا يبذل مجهودا كافيا، خاف العندليب من ضياع ما كان يسرّه من صدى تصفيق المستمعين الذي اعتاده، وأخرج صوتا تفجرت معه الدماء في عروقه ومات، لم يتأثر الضفدع، بل أخذ مكانه السابق، وعاد إلى الغناء وحيدا، وعادت مخلوقات الغابة تتذمر! الآن من الساذج والسطحي هنا؟ من الذي ضيع موهبته بالإصغاء إلى من ليست له معرفة أو اختصاص؟ من الذي لم يثق بنفسه وسلمها إلى من يجهلها وقام باستغلالها؟ ومن اللئيم الذي شعر بالغيرة ممن أخذ مكانه الذي لم يكن يستحقه أصلا؟ من الذي استغل حتى قضى على صاحب الموهبة؟ تماما كمن لا يعرف قيمة نفسه، وبدلا من العمل على صقل مهارات التفكير لديه يسلم عقله إلى من يستغله، وإن لم يقض عليه استخدمه ليؤذي غريما له، أو لمصلحة خاصة له!

وهكذا هو المجتمع السطحي الذي رغم الموهبة والطاقات العظيمة التي يمتلكها يقذف بها إلى غياهب الجهل، ويسير في ظل اللئام الذين يستخدمونه في تحقيق مصالحهم حتى وإن كان الثمن تدميره! يطرب بكل المفردات التي تنفخ فيه شعور الطيبة والعظمة والتميز والتفرد، فيبقى كما هو إن لم يتراجع ويخسر، وما هي سوى أصابع تلعب على أوتاره بألحان شاذة، تجعل بقية المجتمعات تنفر وتبتعد إن لم تأخذه كمثال على التأخر والرجعية! والسؤال هنا هل نحن مجتمع سطحي؟ الإجابة عندكم، مهلا لا نتسرع في الإجابة ولنفكر وندرس ونمر على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، ونحلل نوعية المعلومات التي نتبادلها والحوارات والنقاشات التي نتناولها، والردود ونوعية الاهتمامات ومستوى وتنوع الثقافة، عندها يحق لنا أن نحكم وليس بالضرورة أن نصل كلنا إلى نفس الحكم، لأنه في الغالب كلّ سيذهب ليجمع المعلومات من حيث تعود أن يبحث، والأمر لا يتعلق بجمعها فقط، بل بالقدرة على دراستها وتحليلها وقياسها وإن أمكن تقويمها، إذًا التفكير العميق والناقد هو المطلوب؛ فكيف نفكر أمر بالغ الأهمية لأن أفكارنا تتحكم بمزاجنا، مواقفنا، كلماتنا، تصرفاتنا، وأعمالنا، إنه أساس كينونتنا، بالمقابل عندما يكون التفكير سطحيا تنتج عنه حياة سطحية بلا ركيزة أو أساس، وبدلا من الحلول تتكاثر القضايا وتتعقد المشاكل! في النهاية نحن ليس فقط ما نفكر بل كيف نفكر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia