Al-Watan (Saudi)

أوراق جافة

خصوصية مجتمعنا

- فاطمة آل تيسان

على افتراض أن الغالبية ليس مع تلك المقولة التي تجعل منا المجتمع الفريد الذي لا يتشابه مع غيره من بني البشر في هذا الكون الشاسع »صاحب الخصوصية ،« كما يقال، ألا أن هناك بعض التصرفات أو الأمور التي لا يشبهنا فيها أحد بالفعل، هي تلك الفكاهة الطارئة التي كست سحنات الوجوه الموسومة بقساوة الصحراء وجفافها، فأصبحت تخلق النكتة والطرفة من أكثر المواقف جدية وصرامة، بل إن بعضهم يقضي ساعات طوال متفحصا موقفا أو صورة جامدة، ليظفر منها في النهاية بنظرة خاطفة أو حركة عفوية، فيصنع منها مشهدا كوميديا لا يخلو من لمسات إخراجية، تعكس براعة الكوميديان الذي صرف وقته لأجل رسم البسمة أو القهقهة على شفاه أولئك المتلقفين للمواقف المفبركة، شاحذين منها الضحك، وكأنها أصبحت البديل المتاح في ظل اكتساح تراجيديا الأحداث لحياتنا بالكلية، فأصبحت جميع المشاهد إما لأشخاص ينتحبون أو يستجدون أو حتى يموتون كمدا من قساوة الواقع الذي لا يرحم. كوميديا سوداء تغلف جميع المشاهد، وكان لا بد من وجود معاكس لها لتستمر الحياة بتناقضاتها، حتى وإن أظهرتنا هذه المتناقضات أصحاب تخصصية في توظيف مواقفنا لتضحكنا علينا. لم نستورد شيئا من الخارج، صنع محلي قد يطعّم بنكهة خارجية تساعد في سرعة انتشار الموقف، وتضاعف قياسات الأفواه، وهي تتسع لاندفاع الصراخ في تموجات ضحك هستيري. ما يعد غريبا في موجة الفكاهة تلك، أنها تجاوزت الأمور البسيطة إلى العمق، ضاربة بالنقد أو الملامة عرض الحائط، لتصل إلى أمور يعدها البعض شرعية أو دينية، ومنها ذلك المقطع الذي ظهر صاحبه وهو يؤدي العمرة -كما قال- بنيّة الرئيس الأميركي ترمب، والآخر ظهر مصورا مبنى تحت الإنشاء، قال إنه لمسجد شرع في بنائه بنيّة ابنة الرئيس »إيفانكا«، ولا ندري عن حقيقة ما ادّعاه الرجلان، لكن الدهشة فقط كيف وصلنا في موضوع النكتة إلى هنا، ونحن لا نطالب بالجدية والتزمّت، لكن في الاعتدال في أمور الفكاهة، مع العمل على توظيف هذه المواهب في مشاريع فنية قد تحصد جوائز مهمة، وبدل أن تكون المواقف هزلية لأهدف منها إلى أعمال هادفة، يمكن أن تسهم في توعية المجتمع، وتوجد مصدر دخل لهؤلاء الشباب الذين يهدرون طاقاتهم في ملاحقة هذا الموقف للتندر على أصحابها، في المقابل يشتكون من ندرة فرص التوظيف، ومن غول البطالة الجاثم على صدورهم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia