Al-Watan (Saudi)

ماذا سيقول الناس عني

-

بعد هذه السنوات العديدة في التواصل الاجتماعي اكتشفت أننا كسعوديين نتفق على شيء واحد عندما نظهر بأسمائنا الحقيقية، وهو أن المحرك الأول لكل آرائنا هو إجابة سؤال »ماذا سيقول الناس عني«، هل يتم تلقينا ذلك عبر رسائل خفية في المدرسة وعبر والدينا في مرحلة مبكرة من حياتنا فنجعل آخرها صناعة الآخرين جملة وتفصيلا؟. الكثيرون حولك يصنفونك ويحكمون عليك وعلى أساس هذا التصنيف ستتلقى الدعوات وهي متسقة تماما مع هذا التصنيف سلبا وإيجابا، وأنت تخاف أن تجاب دعواتهم، خاصة عندما تنتهي بتمني الهلاك والعذاب والتفحم في نار جهنم. رأيك سيجلب لك المحبة والبغض، ولا توجد فرصة للاختلاف والاتفاق بدونهما، الكثير مستعد لمواجهة رأيك بعاطفته التي تكرهك بشدة إن أنت خالفته، وهي ليست عاطفة صامتة، بل مؤذية مرهقة وأنت مشغول بها تماما. ما هو فوق سيجعلك مشغولا بما سيحدث لو قلت رأيي وليس بمدى صحته أو خطئه أو موضوعيته، فالمهم ما يحدث بعد عرضه. الأمر ليس فقط في آراء عامة في التواصل، بل حتى في حياتنا الشخصية، كم شخص تعرف يعيش تحت وطأة علاقة زوجية فاشلة، لأنه فقط يخشى ما يقوله الناس، وكم شخص تعرف حرم ابنته من الابتعاث لمجرد أنه مشغول برأي شخص من أقصى أقربائه، وكم شخص بيننا يحب مهنة معينة وهو بارع فيها ويعرف أنها ستؤمّن له دخلا ممتازا ويرفض العمل بها لأنه يواجه كل يوم بماذا سيقول الناس عني؟ المشكلة أن التعليم لا يبذل جهدا لتغيير ذلك، وأعني بالجهد تعليم التفكير وتقدير الذات والاستقلال­ية في مرحلة مبكرة في عمر الطفل أي بين ‪-7، 4‬والتي يشير العلماء إلى أنها السنوات الذهبية لصناعة الإنسان الواثق من نفسه والقادر على بناء استقلالية لعدة أسباب، ليس لدينا مثل بريطانيا سنوات حضانة واستقبال للمدرسة وروضة، حيث يجد الطفل فرصته ليقضي وقته مع خبراء في التربية. ما هو فوق يدعوني لأوجز القول بـ»لو« أردنا التغيير اجتماعيا واقتصاديا على مستوى الفرد والمجتمع باستقلال رأيه، ونمو مهاراته، فيجب أن نفكر في تغيير الأطفال وطريقتنا في إدارة حياتهم، ثم ننتظر التغيير ليحضروه معهم في المستقبل.

azza@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia