Al-Watan (Saudi)

الصلاح من الله والأدب من الآباء

- مسفر آل شايع

قرأنا خبر إعفاء قائد المدرسة الابتدائية في تبوك إثر تداول مقطع فيديو يظهر التلاميذ وهم يمزقون الكتب المدرسية ويمتهنون محتواها، ويلوثون بأوراقها الطريق، وتلك السلوكيات تحمل رسائل سلبية توضح ما وصل إليه حال تربية الأجيال من تدهور وقصور. ومع تأييدي لكل إجراء من شأنه ضبط النظام، إلا أنني أرى أن إلإعفاء لم يكن قرارا حكيما لعدة أسباب:

.1 الأسرةخصوص­ا،هي المسؤولة أمام الله ثم أمام المجتمع ومؤسساته عن سلوك الابن وتربيته، وذلك لأن سلوك الأبناء يتشكل في السنوات الأولى من أعمارهم في البيوت، وقد قيل البيوت مصانع الرجال، وقال كذلك عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- »الصلاح من الله والأدب من الآباء«، لذا فإنني أرى محاسبة الآباء المقصرين وأبنائهم على أي سلوك غير سوي يضر بالشأن العام.

2.ما حصل من سوء سلوك كان خارج أسوار المدرسة، كما أن مدة الفيديو كانت قصيرة، ولا يستطيع أحد أن يجزم بأن المدرسة تساهلت في ذلك وهي تعلم أن منسوبيها لم يحاولوا معالجة ذلك السلوك في حينه.

3. مديرو المدارس والمعلمون هم نواة التربية والتعليم وهم أساسه وعروته الوثقى، فيجب الحفاظ عليهم وتشجيعهم والأخذ بأيديهم، لتأدية واجبهم بيسر وسهولة وبدون منغصات، ولكن للأسف فقد أفُقدوا هيبتهم ومكانتهم في المجتمع وفي الأوساط الطلابية، وقد تجلت بأسباب ضياع هيبة التعليم والمربين، علامات تمرد الطلاب على المدرسة والمعلمين وعلى الوالدين ورجال الأمن.، فهل قامت الوزارة بدراسة تلك الظواهر؟ فقد يكون الحل للقضاء على معظم تلك الظواهر السلبية، أن تعاد للمعلم هيبته من قبل الوزارة والآباء وجميع مؤسسات الدولة وجميع شرائح المجتمع، والسبب الذي يدعونا إلى المطالبة بذلك هو أن التربية مسألة معقدة وصعبة وليست كالتعامل مع قضية إدارية أو التعامل مع أوراق أو أجهزة، بل التربية تكمن في التعامل مع أعظم وأعقد مخلوق على وجه الأرض، وهي التعامل مع الإنسان والإنسانية. فالتربية تصنع وتصون ذلك المخلوق الذي ميزه الله بالعقل وشرفه بالدين وكرمه بالإنسانية في هذا العالم الفسيح. فيتكون لدينا مجتمع صالح، وذلك إذا عززنا مكانة المعلم وعرفنا مقدار صعوبة وأهمية رسالته، ومن غير المعقول أن تبقى وزارة التعليم دون تطوير أدواتها ووسائلها التربوية والتعليمية والتدريبية بالقدر الذي يتلاءم مع صعوبة رسالتها ودورها في المجتمع، ومن المخجل الاعتماد في الحلول على طرق ووسائل تقليدية لا تتناسب مع رسالة التربية المعقدة.

لذا وقبل أن أختم مقالي، فأنا مع اعترافي بوجود تقصير من بعض المعلمين والقائمين على تربية الأبناء بشكل مباشر، إلا أنني أرى أن المسؤولية في هذا التصرف لا يتحملها قائد المدرسة أو أحد بعينه. إن المسؤولية تقع على الجميع، ابتداء من الطالب وولي أمره إلى جميع شرائح المجتمع ومؤسساته المختلفة، وذلك لتشعب مسبباتها ولتأصل جذورها ولتقصير عدد من الأطراف في أداء واجباتهم حيال دراسة الظواهر السلبية المتكررة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia