Al-Watan (Saudi)

الصين ولغز السياسة النقدية

-

يمثل ضعف الطلب أقحيدناالم­نعاولقات يواجهها النمو الاقتصادي في الصين، ولا تكمن المشكلة الحقيقة في ندرة الموارد المالية: فالمعروض النقدي العريض يتجاوز الآن 155 تريليون يوان صيني (أي ما يعادل 25 تريليون دولار أميركي) أو 200% من الناتج المحلي الإجمالي، ويواصل هذا المعروض نموّه بنسبة 12%-13 سنويا. وبالأحرى فإن التباطؤ الاقتصادي الحالي يعكس مدى تأثير القيود المالية على الاقتصاد الحقيقي، وهي مشكلة سيكون من الصعب علاجها في المستقبل القريب. ومن المفارقة أن هذه القيود المالية أصبحت محكمة إزاء خلفية من النمو القوي في القطاع المالي. والواقع أن الازدهار الذي يشهده القطاع المالي، والذي تحركه جزئيا الابتكارات الموجهة نحو السوق. رافق التوسع الذي شهده المعروض النقدي والقطاع المالي توسع في النظام المصرفي الموازي الذي يعمل خارج نطاق ضوابط التخفيف من المخاطر. وتشير البيانات الصادرة عن شركة مودي لخدمات المستثمرين إلى أنه بنهاية العام الماضي تضاعف حجم الائتمان في النظام المصرفي الصيني الموازي ثلاث مرات تقريبا مقارنة بعام 2011 ليسجل 65 تريليون يوان صيني. ومنذ عام 2006 ارتفعت حصة المصارف من إجمالي قيمة الائتمان من %10 إلى %33. غير أن الاتجاه نحو تبني سياسة الإقراض خارج نطاق الموازنة العامة التي تنطوي على مخاطر أعلى يمكن ملاحظته بوضوح داخل القطاع المالي الرسمي أيضا، ويعزى ذلك بدرجة كبيرة إلى استخدام منتجات إدارة الثروات الابتكارية التي تحكمها قواعد تنظيمية ضعيفة، الأمر الذي يساعد المصارف التجارية على تجاوز اللوائح التنظيمية. وقد أدت جميع هذه العوامل إلى تغذية المخاطر المتصاعدة في كافة أنحاء القطاع المالي الصيني، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الحقيقي ضغوطا متزايدة. والواقع أن انتشار القروض المتداولة بين المصارف والأصول غير القياسية قد تسبب في دوران أموال طائلة داخل النظام المالي، بدلا من الاستفادة منها في الاقتصاد الحقيقي، بل إن الأسوأ من ذلك أن هذه الأموال قد أدت إلى تراكم الفوائد مع كل عملية تحويل نقدي، الأمر الذي أدى إلى تضخم تكاليف إقراض المصارف الموازية. وبطبيعة الحال، فقد استفادت المصارف من الأرباح السريعة التي حققتها من التعاملات خارج نطاق موازناتها، وقد شجعت هذا الأرباح المصارف ونظيراتها من المصارف الموازية على توجيه الودائع نحو الاستثمارا­ت المالية والعقارية التي تنطوي على مخاطر كبيرة وتدرّ عائدات كثيرة، مما يؤدي بدوره إلى تعظيم فقاعات ضخمة من الأصول وازدياد التقلبات داخل الأسواق. ففي العام الماضي، أوضحت البيانات الصادرة عن وزارة العلوم والتكنولوج­يا الصينية أن عدد »الشركات الناشئة« (الشركات التي مضى على تأسيسها أقل من عشر سنوات، ولكن تزيد قيمة رأسمالها عن مليار دولار أميركي) قد زاد على 130 شركة – لتزيد بذلك عن الشركات الأميركية بواقع 30 شركة على الأقل. وبالنظر إلى الانخفاض النسبي في أسهم هذه الشركات الصينية الناشئة بما يجعلها قادرة على الوفاء بوعودها، فليس ثمة شك في أن الصين تواجه مشكلة تتعلق بتقدير القيمة. إن المخاطر المتولدة عن هذه الأنشطة لا تمر مرور الكرام على السلطات الصينية، ذلك أن رئيس اللجنة الرقابية المصرفية للصين المعيّن مؤخرا »جو شوكينج« قد تعهد بإمعان النظر في الأنشطة التي يتم تنفيذها خارج نطاق الموازنة العامة، وإجراء مراجعة دقيقة لأصول المخاطرة. في الوقت ذاته قام المعنيون بالرقابة على الأوراق المالية والتأمين باتخاذ إجراءات صارمة لوقف هذه الأنشطة مثل أنشطة عمليات الاستحواذ العدائية. وهذه الإجراءات الصارمة من شأنها أن تؤدي إلى إيجاد تحديات قصيرة المدى، حيث إن تشديد الإجراءات الرقابية بالإضافة إلى التدابير التحوطية على مستوى الاقتصاد الكلي قد تتسبب في تدهور أسعار الأوراق المالية، كما تتسبب في تعرض سوق السندات إلى صدمة كبيرة، حيث ارتفعت معدلات الفائدة، بينما تجاوزت معدلات التخلف عن السداد مستويات غير مسبوقة. أستاذ الاقتصاد ومدير مركز الصين للدراسات الاقتصادية في جامعة فودان، شنغهاي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia