Al-Watan (Saudi)

انطح الصياح بصياح

- صالح الشيحي

هناك حكمة شعبية رديئة وقديمة، تقدم وصفة للجبناء للفرار من اللوم والمحاسبة، والنجاة من الحساب والعتاب، تقول الحكمة »انطح الصياح بصياح تسلم !« بمعنى أن تواجه الحملة الشعبية أو الإعلامية بحملة مضادة متزامنة معها أو استباقية.. هذه الحكمة يستخدمها بعض المسؤولين الذين تواجههم انتقادات حادة في مواقع التواصل الاجتماعي، وتتهمهم بالعبث بالنظام العام، وتطالب بعزلهم، ومحاسبتهم. إذ تبدأ أجهزة العلاقات العامة بالتكاتف مع المكاتب الإعلانية لمواكبة كل تصريح أو زلة لسان، استباقا أو تزامنا مع أي ردة فعل عكسية؛ لتلميع الصورة بشكل لافت، ردا على الحملة الشعبية المضادة التي غالبا لا نجدها سوى في »تويتر« النافذة المُشرّعة التي حطمت عذر الرقيب، وكلما ازدادت الحملة الشعبية وانتشرت الأدلة والوثائق، ازدادت في الطرف الآخر حملات التلميع المضادة! هذا خطأ فادح من وجهة نظري.. لا أعلم سر الخوف من المساءلة وكشف الأوراق.. طالما أنك لم تعبث بالنظام أو تكسره..! ولو طلب الشخص الذي يتعرض لأي هجمة قاسية مشورتي لقلت له أمامك خمسة حلول. إما أن تتخذ ما تراه صحيحا، وتلزم الصمت وتراهن على الزمن، كما فعل الراحل غازي القصيبي رحمه الله، في ملف التأشيرات وتوطين بعض المهن. أو - وهذا الخيار الثاني - تتراجع عن قرارك بهدوء و »كفى الله المؤمنين القتال «؛ كما حدث مع وزير التعليم قبل أسابيع في قضية مدير المدرسة. أو تعترف بالمشكلة وتضع المجتمع في الصورة؛ كما فعل وزير التجارة والاستثمار قبل أشهر قليلة حينما اعترف علنا بوصول بضائع مغشوشة يوميا إلى السعودية. أو تقوم بإصدار بيان توضيحي يبرر قرارك وتصرفك ويفند الاتهامات بوضوح تام، والإجراءات التي اتخذتها. أو تقوم بتوجيه الدعوة للهيئة العامة لمكافحة الفساد لزيارة وزارتك أو مؤسستك للتحقق من هذه الاتهامات وكشف الحقيقة للمجتمع. أما حملات العلاقات العامة المضادة، وتزيين الصورة فلا أظنها مجدية في زمن »تويتر«.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia