Al-Watan (Saudi)

خبايا الأمور

-

إن من جميل ما أورده الكاتب ستيفن آر كوفي في كتابه الشهير »العادات السبع للناس الأكثر فعالية«، تلك القصة التي حدثت له في قطار الأنفاق بمدينة نيويورك صباح أحد الآحاد، إذ كان الناس يجلسون في هدوء، بعضهم يقرأ الصحف، والآخر غارق في التفكير، وبعضهم أغلق عينيه للاسترخاء، وفي خضم هذه الأجواء الهادئة، إذا برجل يدخل القطار بصحبة أطفاله الذين كانوا يثيرون جلبة شديدة، ويذرعون عربة القطار جيئة وذهابا، وهم يصرخون وينزعون الصحف من أيدي الركاب ويتقاذفون الأشياء، مما تسبب في إزعاج حقيقي للركاب، كل ذلك ولم يحرك الرجل ساكنا. يقول ستيفن: كان من الصعب ألا أشعر بالضيق، ولم أصدق شدة تبلد هذا الرجل إلى الحد الذي يجعله لا يفعل شيئا حيال تصرفات أطفاله، ولم أستطع الصبر لأكثر من ذلك، فالتفتُ إلى الرجل وقلت: سيدي إن أطفالك يسببون إزعاجا للكثير، فهل يمكنك السيطرة عليهم قليلا؟! فرفع الرجل بصره وكأنه أفاق للتو، وأجاب: أنت على حق، أعتقد أنه عليّ فعل شيء حيال ذلك، لقد عدنا للتو من المستشفى، حيث توفيت والدتهم منذ ساعة، وأنا عاجز عن التفكير تماما، وأعتقد أنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع الموقف! يقول ستيفن، هل تتخيل كيف كان شعوري لحظتها، وفجأة وجدت نفسي أقول للرجل والألم يعتصر قلبي: هل توفيت زوجتك توّا، إنني شديد الأسف، هل توجد طريقة أستطيع أن أساعدك بها؟ أعلم جيدا أن كثيرين منا قرأ هذه القصة، ولكنني لا أنفك أقرؤها مرارا وتكرارا، ولعلي قمت بسردها هنا، لأني على يقين تام بأن كلا منا قد مرّ بموقف مماثل، وقد أساء الحكم على من حوله، وتسرع في إلقاء الأحكام جزافا، دونما مسوغ واضح، ولو أعدنا التفكير في كثير من ردود أفعالنا في بعض المواقف، لوددنا لو عاد بنا الزمن إلى الوراء لإصلاح ما قد كسر، ولإعادة أشخاص خسرناهم أو جرحنا مشاعرهم، ولكن يكون الأوان قد فات، ولذلك فلنفكّر جيدا في العواقب والأسباب قبل الأفعال، وقد قيل: التمس لأخيك سبعين عذرا. r.zyadi@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia