Al-Watan (Saudi)

بالرغم من شعوري بالحزن على أهالي الإرهابيين الذين فقدوا أولادهم مرتين، إلا أنني وجدت نفسي متوافقة مع موقف أئمة بريطانيا، الذين شعروا بأن لديهم واجبا تجاه دينهم وصورته المختطفة

-

السماوية، طقوسٌ محددة تُحترم حتى في أوقات الأزمات والحوادث والحروب. إن اتخاذ المسلمين هذا الموقف لهو دليل على تأصل كرههم العميق لهذا الفعل الإرهابي، الذين حاولوا طويلاً نبذه من قومهم دون جدوى، فهم اليوم يتخلصون من الأفراد الذين يقومون به، متجاوزين الأحاديث التقليدية عن العفو والرحمة، إنه طلاق بائن بين المجتمعات المسلمة في الغرب وبين أفرادها الضالين، دينهم وصورته المختطفة، وتجاه أفراد مجتمعاتهم الأبرياء الذين يدفعون الثمن بعد كل عمل إجرامي، وتجاه بلدانهم التي احتضنتهم، وتجاه مستقبل الإسلام في أوروبا تحديداً. لا سيما مع تصاعد الدعوات اليمينية المتطرفة التي تنادي بطرد المسلمين »الإرهابيين« بالمطلق، وإغلاق مدارسهم ومساجدهم، ومنع الحجاب وغيره من الشرائع السماوية.

أفلا يجدر بنا في العالم الإسلامي، ونحن الذين اكتوينا بنار الإرهاب أكثر من غيرنا، أن نمارس الشيء نفسه؟

لقد تساهلنا كمسلمين مع الإرهابيين، كثيرون يتحرجون حتى اليوم من تكفيرهم، وحتى تكفير »داعش« نفسها، على سوئها وقذاراتها، ويعمد البعض إلى استخدام مصطلحات مثل »إخوتنا وإن بغوا علينا«، ولا يخجلون من الترحم عليهم. البعض رفض تكفير المجرم جهيمان العتيبي وهو الذي استحل المسجد الحرام في البلد الحرام في الشهر الحرام لتحقيق مطالبه الخاصة، ووقع ضحية لحركته الإرهابية الكثير من الحجاج المحرمين الأبرياء ممن لا ناقة لهم ولا جمل. تلك الحادثة وقعت قبل ولادتي، فلو أننا حجبنا عنهم صلاتنا ودعاءنا وأبعدناهم عن مقابرنا يومها لربما قضينا على هذه الأفعال قبل ما يقارب أربعة عقود، ولما استغلها الأعداء ليطعنونا بها في ظهورنا، ومن ثم يجعلوننا نواجه العالم برأس كسير، واعتذار مرير عن جريمة لم نرتكبها وجراحها أصابت المسلمين في قبلتهم قبل أن تصيب العالم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia