Al-Watan (Saudi)

حين تستمد إحداهن إحساسها بالأمان من حقيبة يدها أو قطعة معدنية، نعلم أن الأجيال القادمة ستعاني نقصا على جميع الأصعدة. قيمة الإنسان تقدر بروحه وطيب نفسه وعلمه

-

اهتماما ولم تكترث بالنظر إليها واكتفت بقول »إن لم يعجبك ذلك، اسحبي ملف ابنتك«، أخبرتني صديقتي أنها التمست من مظهرها المبالغ فيه حب المظاهر فقامت بالإشاحة بيدها مرارا فظهر ما كانت تلبس ذلك اليوم من أساور ومجوهرات عالمية، ما إن لمحت تلك المديرة المجوهرات إلا وغيّرت معاملتها للأفضل، لا بل قامت بتنفيذ طلب صديقتي الذي كان مستحيلا، على حد تعبيرها.

فهنا تعدت المشكلة حدود المظاهر الاجتماعية وتحولت إلى مشكلة تنشئة أجيال قادمة على الطبقية وتبعياتها.

فمثل قصة صديقتي تعرضت لموقف لم أجد له تفسيرا منطقيا سوى أن من كانت تحدثني قد فقدت إحساسها بتقدير الذات عندما سألتني »كم الساعة بيدك الآن؟« فأخذت هاتفي وأخبرتنا بالوقت، فقالت »كلا، كم الساعة بيدك؟« فقلت لها لا ألبس ساعة يد لأنني استخدم الجوال، عقب ذلك كشفت عن ساعدها أمامي وأرتني ساعتها (ماركة) ثم ابتسمت ابتسامة الانتصار، بعد مرور ما يقارب الأسبوع من هذا الموقف وجدتها تشتكي لصديقاتها من كثرة الديون المتراكمة على زوجها، لم أتفاجأ لأن سعر تلك الساعة يعادل سعر سيارة. كذلك رأيت العديد من الفتيات اللاَّتِي يتعمدن إظهار المجوهرات بتقصير أكمام العبايات أو رفعها بشكل ملحوظ ومستمر.

إن النظرات الفاحصة لكل شخص يدخل المكان كافية لكي نعرف أن بعض أمهات المستقبل أو حتى الأمهات قد فقدن ما تبقى لديهن من تقدير الذات، فحين تستمد إحداهن إحساسها بالأمان من حقيبة يدها أو قطعة معدنية، نعلم أن الأجيال القادمة ستعاني نقصا على جميع الأصعدة. فمتى أصبحت قيمة الإنسان بنعاله؟ أنا لا أخص الشخص الذي يعجبه شيء فيشتريه دون المبالغة والتديّن والإسراف.

مثال أخير، أثناء زيارتي لأحد البنوك سمعت إحدى الموظفات تستشير صديقتها لشراء سلسال من ماركة عالمية فنصحتها صديقتها ألا تشتري سلسالا آخر في حال لم تجد ما تريد، فقالت لها »مستحيل، أنا شارية شارية حتى لو ما عجبني«! أنا لا أعمم على الجميع، ولكن في نهاية الأمر يجب أن يراقب الشخص نفسه ويتربص لها كلما قابل شخصا للمرة الأولى بسؤال نفسه عدة أسئلة: »هل نظرت إلى ما يلبس وحاولت معرفة قيمة ما يرتدي؟ هل حكمت عليه قبل أن يتحدث إليّ؟ هل حاولت أن أستعرض ما لدي لكي أكسب اهتمامه ؟ .«

قيمة الإنسان تقدر بروحه وطيب نفسه وعلمه، كما ورد في قصة سقراط عندما وقف رجل وسيم وأنيق أمامه، وأخذ يتباهى بمنظره فقال له سقراط: تكلم حتى أراك. فإن منطق الشخص مع شيء من الفراسة يدل على صفات الشخص ومدى ثقافته وقوته أو ضعفه. ما زال هنالك وقت لكي نتميّز.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia