Al-Watan (Saudi)

هل زرت السعودية يا سيدي

-

أوقن أن كل شيء مرتبط ببعضه في هذا العالم. وكما يقولون، إن رفة جناح فراشة في واشنطن ربما تكون السبب الأول في حدوث زلزال في اليابان، وأنك عزيزي القارئ تعرف ثلاثة أشخاص يعرف كل واحد منهم ثلاثة أشخاص يعرفون ثلاثة أشخاص، قد يكون أحدهم درّسني ذات يوم في جامعة أم القرى أو تزوج إحدى قريباتي... إلخ. ذلك يجعل من المهم أن أحكي ما حدث في غرفة المستشفى، الجمعة الماضي، وأبو عمر ينتظر جراحة صغيرة قام بها طبيب باكستاني. ما إن دخل الغرفة حتى بادرني بسؤال: ماذا يحدث بينكم وبين قطر..؟ في الحقيقة، إن سؤاله أغضب أبا عمر، فبادره قائلا: يا دكتور المشكلة التي تهمني الآن في بطني، وليست في قطر. ليضحك الطبيب، بينما بقيت أفكر لدقائق: أي موقع أو قناة أستطيع أن أدل الطبيب المسلم عليها، لتوضح موقف بلادي في هذه الأزمة؟ فلم أجد ما يمكن أن يعتمد عليه. في التاكسي، وأنا عائدة إلى المنزل، سألني السائق اللندني -كعادتهم مع الركاب- بسؤالهم الشهير: من أين أنت؟ فقلت من السعودية، ليرد بسرعة: لماذا تحاصرون قطر؟ لأفكر مرة أخرى في ضعفنا الإعلامي، وقصورنا عن التوجه نحو مليار ونصف مليار مسلم في هذا العالم. في الحقيقة، نحن نتصرف وكأننا لا نهم هؤلاء المسلمين، ولسنا قادتهم، والحقيقة غير ذلك. نحن نمثل لهؤلاء الشيء الكثير، وبارك الله في قلوبهم التي ما زالت تقدرنا رغم ضعف قوتنا الناعمة. لكنك لا تستطيع أن تفعل دائما مثلي، وتذكّره بما تفعل بلادنا للحجيج، وتسأله بهدوء: هل زرت يا سيدي السعودية؟ فيرد بفخر: لقد أديت الحج مرتين والعمرة مرات، ثم تباغته بسؤاله عن آلاف الصور الجميلة، والخدمات والجهود التي قدمتها بلادك للحجيج، ثم تباغته بسؤال هل من الممكن من يفعل ذلك أن يؤذي بلدا مسلما، أم يغضب لأجل أمر أكبر يضر كل المسلمين، وهو تمويل الإرهاب. لتجده يبدأ يتفهم، لكنك تدرك في قرارة نفسك أن حديثك العاطفي المنطقي ربما يؤثر في سائق تاكسي، لكن هناك ملايين المثقفين المسلمين الذين يحتاجون إلى محللين وعلماء يظهرون في الإعلام، ليقدموا لهم إيضاحا عما يحدث بلغاتهم أو باللغة الإنجليزية إن قضيتنا عادلة، لكنها لم تجد المحامين الجيدين -كما يقالبينما غيرنا مصنوع من الأكاذيب، وخطابه في كل مكان.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia