Al-Watan (Saudi)

لماذا ننكر شباب البومب

-

في اللقاء مع بطل مسلسل شباب البومب الأستاذ العيسى، استطاعت المذيعة سارة دندراوي أن تدير غضبه بطريقة محترفة جدا. الغضب الذي ربما اشتعل أكثر من مرة، ينكر الناس فيها أمامه وجود شاب سعودي يتصرف هكذا. في الحقيقة، كل الردود في »تويتر« تنكر هذا الوجود، حتى أنا التي تمضي شهرا واحدا في السنة في السعودية. أنكرتهم وأنا أتخيل أبناء إخوتي الأنيقين والمهذبين، والذين لا يمكن أن يرفس أحدهم صديقه، أو يقول مثل تلك البذاءات أو يحتقر عاملا أو جنسية. لكن، هل سألنا أنفسنا: الشباب الذين نشاهدهم في مقاطع الفيديو يقومون بالتفحيط أو التطاول على البائعين »الغلابا« في المحطات والأسواق من أين أتوا؟ لماذا ظهروا في حلقة في سلفي ومسلسل بعشرات الحلقات في شباب البومب إذا لم يكونوا موجودين؟. لكن نحن نتجاهل وجودهم لمجرد أننا لم نرهم في محيطنا. الفنان ذكر في اللقاء فلسفة عنوان المسلسل، وقال إن معناه أنهم الشباب الذين انفجروا أو القابلون للانفجار، ولقد استوقفني ذلك حقيقة، فتصرفاتهم وقيادتهم المتهورة والتفحيط هي من صور الانفجار. ربما هم أكثر حظا من غيرهم في الوطن العربي، والمستقبل أمامه هو من تحدده جامعات مفتوحة وابتعاث ووسائل تواصل وسيارة، قبل أن يبلغ الثامنة عشرة، فماذا ينقصه ليكون شابا جيدا ومحترما؟ هل لأنه لا يصل إلى عمق الجمال خلال تربيته ودراسته؟، هل لأن هناك سطحية كبيرة تحيطه بدءا من كتابه المدرسي الذي يندر فيه أن يتعلم فلسفة الأشياء وعمقها وقيمتها، فيكبر ونحن نعتقد أنه يتعلم، وهو لا يتعلم، فقط يحصل على شهادة فيميل حين يكبر نحو السطحية و»السخافة« والأصوات المرتفعة والمظهر السوقي والكلمات البذيئة؟. هل تم تعويده أن متعته الوحيدة هي قيادة السيارة بسرعة حتى يتصاعد الأدرينالي­ن في دمه ليصل إلى نشوة الشجاعة، فيريدها معه دائما فيسقط في المخدرات؟.... الخ. شباب البومب موجودون، وإقفال التلفزيون عند ظهورهم لن ينفي وجودهم، ما نحتاجه هو الاعتراف بهذا الوجود ومعالجته، ليس بالطريقة التي يقترحها المسلسل بإظهار سلوكياتهم، وخاتمة أصبح الجميع فيها طيبين، بل مراجعة ما نقدمه لبناء هؤلاء الشباب وقيمهم، خصوصا في المراحل الأولى من حياتهم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia