Al-Watan (Saudi)

لجوقة الظنون: لقطة البيعة الأهم

-

مع كل حدث مفصلي وجوهري في تركيبة بيت الحكم السعودي تطل علينا ذات الجوقة العربية التي اعتدنا عليها من بضع قنوات ببضعة أسماء ثابتة. أحدهم، وأشهرهم ضجيجا، ولا يستحق مني حتى كتابة اسمه ظل متنبئا على الدوام بمثل هذه الأوهام والتخرصات مع رحيل أو مرض أي ملك سعودي، وكأنه شريط تسجيل مكرر. لم يختلف في أوهامه منذ العامين الأخيرين لراحلنا الكبير، فهد بن عبدالعزيز وأيضا في الأيام الأخيرة للراحل الكبير الآخر، أبومتعب، رحمهما الله وأسكنهما فسيح جنانه. هذه الجوقة التاريخية قد تعلم، أو لا تعلم أن للتاريخ الوطني السعودي مع البيعة ثماني عشرة مناسبة منذ فجر الإمام المؤسس حتى بيعة العيد الأخيرة. ومع كل بيعة، خصوصا في العقد الأخير من الزمن، يبدأ هؤلاء في سبك الروايات، فلم يتعلموا مع التوالي والتكرار حتى ولو على الأقل أن يستنسخوا حكاية »بيعة« من ثنايا البيعة السابقة. لهؤلاء أقول: القصة السعودية مع البيعة أسهل بكثير من دوامة التحليل السياسي ومن سرد الخيالات والخزعبلات. هي باختصار، لو كان أولئك يفقهون، تكمن في لقطة الكاميرا التلفزيوني­ة التي كانت منقولة، وأمامهم، مباشرة من قصر الصفا ليلة البيعة. سألتمس لهم شيئا من العذر، إن كانوا لا يعرفون ولو حتى مجرد الوجوه للحاضرين من أبناء وأحفاد المؤسس. في صالون البيعة كان ذلك الحضور التاريخي لرموز من أبناء وأحفاد الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن وكل الملوك من سعود إلى فيصل، ومن خالد إلى فهد ومن عبدالله إلى سلمان. ومع هؤلاء حضر أبناء سلطان ونايف، ومن بين الحضور كان العشرات من أحفاد أغلب بيت الإمام الكبير، وأنا أعتقد أن حضورهم بهذا الشكل الاستثنائي كان أغلب رسالة. كنت أتمنى لو أنهم ركزوا قليلا على تفاصيل الصورة التلفزيوني­ة لأنها وحدها تشرح قصة بيت الحكم السعودي وتقاليده العريقة التي امتدت حتى اللحظة لمئة سنة. كنت أتمنى لو أنهم تأملوا كل أحاديثهم القديمة قبل ومع وبعد كل بيعة سعودية. أن يتعلموا من التجربة التي لاكوا فيها من قبل بذات العبارات المكررة. هؤلاء الرجال الذين اجتمعوا تحت سقف البيعة من أركان بيت الحكم السعودي هم أنفسهم من كان حاضرا في نفس الحدث والمناسبة في السابق ولأكثر من مرة. هذا »الأفَّاك« التلفزيوني الذي يبدي قلقه الكاذب على مستقبل البيت السعودي الكبير يعلم تماما أن هذا الشعب قد أمضى يوما اعتياديا بكل التفاصيل التي تشبه يومه السابق، الفارق الوحيد أن »البورصة« السعودية قد استقبلته بأرقام قياسية لم تحدث منذ عامين بالضبط. السوق أهم إشارة لاستقرار الشعوب.

almosa@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia