Al-Watan (Saudi)

أمنك أمن وطنك

- صالح الشيحي

عند الشدائد تزول الأحقاد، هكذا تقول العرب، وأضيف: تتحد الصفوف وتتراص وتتلاحم، ويتسامى الناس على خلافاتهم الثانوية، ووجهات نظرهم المتضاربة، ويقفون جنبا إلى جنب أمام كل محاولة للإساءة إلى كيانهم، أو تهديد لوجودهم. من أجمل ما سمعت قبل أيام، عبارة ارتجلها سمو الأمير فيصل بن خالد -أمير عسير- قال فيها: »هذا الوطن يحرسه الشعب قبل رجال الأمن .« وهي عبارة واقعية لا تأتي في سياق مبالغات أو إطراءات غير مستحقة. أعتبرها تعزيزا إيجابيا لدور المواطن المحوري فيه. الأمن إذا لم يعتمد على جهد المواطن سيظل ناقصا، مهما جنّدنا وبذلنا الإمكانات. هذا هو الواقع. لا أمن دون مشاركة ووعي المواطن. أتخيل الشاب الحر الصادق وهو ينتشي حال سماعه عبارة من هذا النوع، عبارة تغرس الثقة في نفسه، وتعزز اليقظة في عينه، »ومَا الخَوْفُ إلاّ مَا تَخَوّفَهُ الفَتى.. وما الأمنُ إلا ما رآهُ الفتى أمنَا.« إن هذه الدفعات المعنوية التي تأتي على ألسن بعض مسؤولي الدولة، تجعل الحماس ملازما للمواطن عند التصدي لأي سلوك مشبوه، أو عمل تخريبي، أو حركة غامضة، وتنسف -لاحظوا- كل الأوهام التي تثبط الإنسان عندما يهم بالتدخل للحفاظ على الأمن، أو تلك العبارات التي تثنيه عن محاولة التصرف الأمثل نحو: »أنا وش دخلني.. أنا أيش علاقتي.. هذا ما هو شغلي.. أبعد عن الشر وغني له!« لا بد من استدراك، إذ إنني حددت »المواطن« دون المقيم، مع أهمية دوره هو الآخر في الحفاظ على أمن البلد التي احتوته وقدمت له سبل العيش الكريم. لكنني لم أختص »المقيم« بالحديث؛ لأنه -غالبا- سيحزم أمتعته ويغادر حينما يشعر بالخطر، تماما كما فعل كثيرون إبّان حرب تحرير الكويت! إنني على يقين متجذر في الختام أن غالب الناس في هذا البلد الطيب أصحاب معادن نقية، ونفوس طاهرة. هم بحاجة فقط إلى من يعترف لهم بقيمتهم، ويشعرهم -وهذا حجر الزاوية- أنهم في مأمن كبير عن المساءلة، حينما يحافظون على أمن بلادهم. نلتقي غدا بإذن الله.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia