صناعة الاستشارات في المملكة

Http://www.alwatan.com.sa/info/neqashat.htm

تتلخص صناعة الاستشارات في دعم التوجهات والقرارات الإستراتيجية والمصيرية، وتوفير المصادر الملائمة لهذه التوجهات، بما يحقق أعلى درجات الكفاءة والإنتاجية الممكنة. وتقوم الجهات الاستشارية بمساندة عملائها في الانتقال إلى المستوى الأعلى من الأداء، عبر توفير الدراسات والمعلومات الخاصة بذلك.

وتقدر صناعة الاستشارات عالميا بـ230 مليار دولار سنويا، وبنسبة نمو سنوية مركبة قدرها 4.5،% تستحوذ »الأربع الكبار« على حوالي 40% من هذا السوق.

في المملكة العربية السعودية، تعدّ صناعة الاستشارات من الصناعات الواعدة، إذ قدرت بـ1.25 مليار دولار لعام 2015، والتي تمثل نصف حجم السوق تقريبا في دول مجلس التعاون الخليجي. كما تشهد هذه الصناعة نموا عاليا يقدر بـ14.8% في ظل التحول الاقتصادي والإداري والتقني الذي تشهده المملكة.

من المهم إذن، أن تلقى هذه الصناعة العناية والدراسة والتوجيه الذي تستحقه.

وفي هذا الصدد، هناك أسئلة كثيرة متعلقة بهذه الصناعة. ما الجهات ذات العلاقة بهذه الصناعة؟ ومن هم اللاعبون الرئيسيون فيها؟ وكم حجم الاستثمارات فيها؟ وما العائد على الاستثمار في هذه الصناعة؟ وكم نسب الاستشارات الناجحة؟ وما مقومات نجاح الاستشارات في المملكة؟ وكم نسبة المحتوى المحلي لهذه الصناعة؟

تكاد تكون إيجابيات وسلبيات الاستعانة بدور الاستشارات العالمية معلومة لكل من شارك في دراسات استشارية. فمن أبرز إيجابياتها نقل المعرفة والخبرات والتجارب والممارسات العالمية، ومساندة متخذي القرار في توجهاتهم الإستراتيجية والتكتيكية والتشغيلية.

أما أبرز سلبياتها فتتمثل في ضعف المحتوى المحلي، وارتفاع التكاليف، والاعتماد العالي على الاستشاري، وضعف استدامة وتسلسل الدراسات والاستشارات، وكثرة التكرار والازدواج في هذه الدراسات.

ما يجب علينا عمله في هذه المرحلة، هو تبني خطط تهدف إلى ازدهار هذه الصناعة محليا، وتأهيل الاستشاريين المحليين في مختلف المجالات، وذلك بالتوازي مع الاستعانة بالاستشاريين الخارجيين، فهناك كثير من الخبراء السعوديين في مختلف المجالات، إذ يتميزون بالمعرفة بالبيئة المحلية والاطلاع العالمي.

كي تكون لدينا جهات استشارية محلية مؤهلة، يجب أن تكون هناك رؤية ومبادرات تهدف إلى توطين نسب مناسبة من هذه الصناعة، عبر خارطة طريق واضحة المعالم.

وتشمل هذه المبادرات -على سبيل المثال- عمل حصر شامل للخبرات المحلية في مختلف المجالات، ثم توضع برامج تأهيلية لهذه الخبرات في مجالات تقديم الاستشارات بجودة وكفاءة عالية. كما تشمل أيضا تكوين التكتلات وتوفير الحوافز اللازمة لضمان الاستدامة الاقتصادية، وتشجيع الاستثمار في هذه الصناعة، كما يشمل ذلك أيضا وضع الاعتمادات والضوابط اللازمة لهذه الصناعة التي تضمن الجودة والاستدامة، وأخيرا يجب توفير برامج تقييم وإشراف تسعى إلى التطوير المستمر لهذه الصناعة. إن إنشاء هيئة أو صندوق يُعنى بهذه الصناعة وينميها ويطورها، لهو جدير بالدراسة والاهتمام.

إن تطوير صناعة الاستشارات المحلية لا يعني بالضرورة الاستغناء عن الاستشارات العالمية، وإنما يتم التكامل معها لما يحقق المصلحة العامة. فيمكن مثلا تطعيم فرق المستشارين المحليين بخبرات دولية تسهم معهم في سد الفجوة العالمية ونقل المعرفة اللازمة.