Al-Watan (Saudi)

حتى لا تكون العصبية القبلية مصدر فتنة لأفرادها

أرجو من مشايخ القبائل تحمل دورهم أمام القبيلة بإعداد وإقامة المحاضرات التوعوية لشبابها وتحذيرهم من الأعمال الإجرامية

-

مع انخفاض مؤشرات معدل الجريمة في المملكة العربية السعودية حسب تصريح المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي، وحسب مؤشر الجرائم الشفاف المعلن سنويا، إلا أنه وبكل أسف لا يزال عدد من شبابنا هنا يستهتر بأرواح وممتلكات المقيمين من مختلف الجنسيات القادمة للعمل أو المقيمة بين ظهرانينا بل والمواطنين أحيانا.

المشكلة هي أن هؤلاء المنفلتين يتقوون بعصبية قبلية لها قصائدها الشعرية المحولة إلى شيلات، والمصممة على فيديوهات »هياط« يتداولها أفرادها بينهم، يظنونها تحميهم شعبيا عقب التعدي على أنفس وممتلكات الآخرين، وتحميهم ماديا بجمع المبالغ المالية الطائلة من أفرادها عبر صندوق القبيلة، الغالب على كثير منهم حاجتهم وفقرهم ورعاية أسرهم أكثر من دفع ديات المنفلتين ومن ثم الإفراج عنهم.

مساعدة ومعاونة الشخص الواقع في مصيبة هي حتماً أمر لابد منه، بل إنها واجبه على أفراد المجتمع ككل، بحكم أن هذا الشخص هو أحد أفراده، ولا يقتصر ذلك على معاونة قبيلته له فقط، والأيام دول بين الناس، ولا أحد يعلم ما تخبئه الأيام له، ولكن متى ما وصل تأثير دفاع القبيلة عن أبنائها إلى حدود أن يتجاوزوا حدودهم وحدود أخلاق المسلم السوي، هنا لابد لنا من الوقوف ومراجعة الأمر مرارا وتكرارا، والتمييز بين الحق والباطل حتى لا ينحرف مجتمعنا وأبناؤه، ويكون السبب غير المباشر في هذا هو القبيلة، ولذلك فهم البعض خطأ الحديث النبوي »انصر أخاك ظالما أو مظلوما«.

حتى لا يكون الموضوع مبهما ومشتتا غير مترابط نستطيع إيضاحه باختصار عبر نقطتين؛ الأولى: الوافد والمقيم جاء إلى هنا بطريقة نظامية ووفق عقد قانوني لحاجته إلى المال، ومتى ما قُتل أو اعتدي عليه سيقبل بالمال المعطى له مقابل عفوه عن الجاني.

الثانية: المراهق أو الشاب المشبع والمتخم بجرعات »هياط« القبيلة من شيلات وفيديوهات بطولية ثم يعترضه هذا الوافد أو المقيم، لن يبالي به ويمارس عليه القوة والاضطهاد لأنه يعلم أن خلفه القبيلة التي ستعالج الموضوع وتنهيه ويبقى في عينه وعين المقربين منه شخصا شجاعا.

نستطيع القول إن مزج النقطتين السابقتين يخرج لنا جيلا من الشباب المنفلت، الذي لا يحمل المسؤولية، بل يحمل أفكار وتعصب الجاهلية الأولى، مسببا المتاعب الجمة لهذه القبيلة وأفرادها المسالمين الذين يدفعون ثمن انحراف وسلوكيات هؤلاء.

أحد الحلول المهمة لهذه المشكلة هو من رأس الهرم، فكما يقوم نواب ومشايخ القبائل ووجهاؤها بالسعي إلى حل ومعالجة مشاكل هذه الفئة والتقاط الصور وجمع التبرعات من محتاجيها، أيضاً أرجو منهم وهذا في الأساس هو دورهم ومسؤوليتهم أمام القبيلة، إعداد وإقامة المحاضرات التوعوية لشبابها وتحذيرهم من هذه الأعمال الإجرامية وتحديد مسؤولية القبيلة أمام تصرفاتهم وسلوكياتهم الخارجة عن الفطرة السليمة، وإشعارهم أن ابن القبيلة السوي ذا الدخل المحدود ليس مسؤولاً عن تصرفات الآخر العنجهية، وتسخير دخله المحدود في تسديد غراماته. لديه هو الآخر حياته المنشغل بها والتي سلامتها ودوامها من مسؤوليات القبيلة.

أيضاً تقنين وتحديد الجرائم التي يجب فيها على القبيلة تحمل غراماتها ومبالغها المادية المكلفة، فليست كل جريمة يجب أن يتحملها كافة أبناء القبيلة ويدفعون ثمنها.

بالإضافة إلى معالجة وضع شباب القبيلة وتحسين أخلاقهم أيضاً حماية لهم حتى لا يدخل أفرادها في نزاع وصراع مستمر من أجل جمع تكاليف الغرامات المكلفة جداً جداً.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia