حياة لايسي

في واحدة من حلقات المسلسل البريطاني Blake Mirror ، والذي يحاول التنبؤ بمستقبل الإنسان مع تقدم التكنولوجيا. كانت الحلقة عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير أسلوب حياتنا في المستقبل. تبدأ »لايسي« صباحها بوضع عدساتها اللاصقة الذكية، والتي خلالها تستطيع أن تتعرف على معلومات كل شخص يمر أمامها. والأهم من ذلك هو تقييم كل شخص. هذا التقييم من خمسة نجوم، الكل يشارك فيه، النادل في المطعم، والجار، والصديق، وزميل العمل، وصاحب التاكسي، وحتى المجهول الذي تقابله في الشارع، الكل يقيّم الكل. الناس يتعاملون مع »لايسي« حسب تقييمها الذي كان مرتفعا 4.2 هذا الأسلوب حوّل »لايسي« إلى منافقة اجتماعيا، فهي تبتسم مع الجميع وتتودد إلى الجميع حتى لو كانت لا تحبهم. حياتها مزيفة، فهي تتعامل مع الكل بالأسلوب نفسه، طمعا في أن تحصل منهم على تقييم مرتفع. التقييم مهم جدا، البنوك، الشركات، الخصومات، المنازل، القروض، كل شيء في حياتها يحدده هذا التقييم. هناك عقوبات صارمة تفرضها الحكومة تجاه بعض المخالفات، منها تخفيض تقييم المخالف. وهذا ما حصل لـ »لايسي« عندما واجهت مشكلة بسيطة في المطار. انخفض تقييمها لـ3 من 5 وتغيرت حياتها وتغيرت نظرة الناس إليها. حتى المنزل الذي حلمت فيه وبدأت بدفع أقساطه تم إلغاء الصفقة من الشركة، نظرا لتقيميها المنخفض. الأماكن والأندية الفاخرة التي كانت تقضي فيهن أجمل أوقاتها، لم يعد يُسمح لها بدخولها، لأن تقييمها أقل من 4. كل أصدقائها تخلّوا عنها رغم أنها لم تقترف ذنبا كبيرا. أيقنت »لايسي« أن حياتها كانت كذبة كبيرة، وأن هذه التكنولوجيا ووسائل التواصل جردت الناس من آدميتهم، وحوّلتهم إلى أشخاص مزيفين ومنافقين. أصبحت تتحدث بصراحة، ابتعدت عن المجاملات الرخيصة، تدهور تقييمها، ردة فعلها أصبحت عنيفة، وانتهى بها المطاف بالسجن. هل سيأتي هذا اليوم، ونعيش حياتنا كما عاشتها »لايسي«؟ ألا تشعر بأن وسائل التواصل حوّلتنا إلى أشخاص ندعي المثالية والكمال؟، نحاول أن نرسم للناس صورة جميلة لأنفسنا قد تكون مختلفة تماما عن الواقع.