Al-Watan (Saudi)

أوراق جافة

مستوى وعي السعودي السائح

- فاطمة آل تيسان

السعوديون ينافسون أكثر شعوب العالم ولعا بالسفر والسياحة، وهذا الأمر ليس بطارئ. فأسراب الباحثين عن جمال الطبيعة والأجواء العليلة، يغادرون الوطن كل صيف إلى البلدان الأكثر اعتدالا، سواء كانت في الشرق أو الغرب، ولا يهم ارتفاع الإنفاق خلال رحلات الاستجمام، لأن البعض عمل في الحسبان تلك التكلفة المرتفعة، وإن لم يستطع خلال العام تجميع مبلغ مناسب، فإنه يلجأ إلى القروض حلّا، وفي القادم من الأيام يتولى السداد، وقد يستمر الوضع سنوات عدة، حتى تتراكم المديونيات ويعجز سائحنا الكريم عن السداد. هنا فقط، يمكن أن يكبح جماح نفسه التواقة إلى المتعة، ونحن لا نلومه فهذا حق مشروع له، ترفيه نفسه وإسعادها، غير أن الأمر سيكون جميلا لو نمّيت وعيك أيها الطائر الرحال، ليس في معرفة الجزر الجميلة والقرى الريفية ذات الجذب الأعلى في عدد السائحين، ولكن في وعيك بأصول السياحة، واحترام قوانين البلدان التي تقصدها، وكذلك تنمية مهاراتك في التعامل مع من قد تصادفهم هناك، ولن نقول سلوكياتك، فهذا الأمر نوقش طويلا بعد تلك الإشكالات والتصرفات التي كما نقول عنها بالعامية »تفشّل«، والتي تصدر عن البعض. فصاحبنا يقهقه سعيدا بخفة دمه التي تضحك الناس عليه، وتجعله تحت طائلة القانون في دول لا تعترف بمسرحياتنا الهزلية التي عادة ما نستعرض في أدائنا لها دون أن نسأل أنفسنا: هل هذه التصرفات لائقة أم مشينة؟ وكما أسلفت، لا نقصد السلوكيات، بل اللباقة في التعامل والحديث، وفي الرد على أي استفسار يوجّه إلينا من أشخاص عاديين أو جهات رسمية، وهذا يعطي انطباعا جيدا عنك وعن دولتك، وكم من شخص شاهدناه في مقابلة أو حديث عرضي يسهب في كلام كما قلنا »يفشّل«، وإذا كنت لا تملك مقدرة على الحديث اللبق فلك الاعتذار الذي يحفظ ماء وجهك، ويلغي من الأذهان تلك الصورة النمطية للسعودي، أنه بدويّ -مع احترامنا لأصولنا البدوية التي تعاكس نظرة هؤلاء ولا شك- هبطت عليه الثروة فجأة وهو يفتقد الوعي والتمدن. لا نطالب أن تكون مفوّها، كُن جديّا، واعلم أنك في تلك اللحظة تقدم نفسك وبلدك للعالم، واختر الوقت المناسب الذي تتعامل فيه مع الأمور بهزلية، فعملية إضحاك الناس والتندر لا تكون على نفسك، لأنك إن لم تصنها وتقدرها فلا تنتظر من الآخرين منحك ذلك التقدير والاحترام، فكن كما نردد دائما سفيرا حسنا لوطنك، وقبلها لنفسك التي تستحق أن تحفظ لها كرامتها. قد تكون تلقائيا وعلى السجية، لكن عيون العالم لا ترى في ذلك إلا التخلف والسطحية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia