معنفات حتى في لندن

هي سيدة سعودية كبيرة في السن أجبرتها ابنتها على التقدم بشكوى لجهة سعودية في بريطانيا لأن السيدة الفاضلة والراقية ترفض شكوى زوجها للبريطانيين، بل حتى للسعوديين، لكن الفتاة ذات التعليم الغربي والتربية تجد أن ذلك غير منطقي فكيف يستحي الضحية، ولا يبالي الجلاد، وكيف يتعلق الضحية بقيم الستر وصورتنا أمام الناس، ولا يبالي المجرم بصرخات ضحيته المكتومة. هذه القصة ومثلها ثلاث قصص سمعتها مؤخراً في بلاد الابتعاث من زوجات سعوديات عن أزواجهن الذين قلت درجة مروءة أحدهم ليمد يده على سيدة لا قريب لها ولا نصير يحميها من شره، دعتني لكتابة هذا المقال والذي أعرف أنه سيرد عليه البعض بمثل: هل نحن فقط المجتمع الذي فيه عنف. في الحقيقة هذا اسمه التفكير الطفولي الذي يردد صاحبه أشياء من قبيل لماذا تتحدثون عنا وغيرنا أسوأ منا، في الحقيقة هي ليست منافسة من أقل أخلاقية؟ ونحن نتحدث عنك لأنك جزء من مجتمعنا الذي يهمنا فلا يهمنا مجتمع آخر. وقد يقول قائل من معاشرته للسعوديين يجدهم شبابا ورجالا لطيفين لا يمكن أن يفعلوا ذلك، لكن هذا الإعلام خبيث تستهويه شيطنتهم. مثل هذا من الممكن أن تقول له ربما لو غيرت جملتك واستخدمت الكلمة المناسبة مثل: هل تضرب زوجتك؟ هل تصفعها؟ هل سبق لك دفعها؟ هل حطمت شيئا أمامها؟ هل.. حينها ربما يتطلع نحوك بدهشة إنه هو نفسه يفعلها ولا يعدها عنفا. ما هو تعنيف المرأة، كيف يفهم الرجل في المملكة أن ما يفعله عنف؟ في الواقع هو لم يدرس ذلك، ولم يتعرف على معنى الكلمة، أو على حدودها، بل ربما سخر من فكرة أن النظرة قد تكون عنفا. لست أبالغ لو قلت إن مشكلتنا مع تعنيف المرأة تبدأ بجهل الرجال، ما هو العنف وتقصير المؤسسات المنوط بها واجب تعليمه معنى ذلك وحدود تعامله وطبيعة جسد المرأة، وأن قوته الحقيقية في ألا يستخدمها مع جسد ضعيف لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، أو نفس رقيقة كنفوس النساء ردة فعلها غالبا البكاء والاكتئاب. قد يقول قائل وأين دور الأسرة؟ لا شك أن دورها مهم، لكن حتى في العالم الذي سبقنا في التحضر لا يعتمدون على الأسرة في تعليم القيم، وأهمها احترام وأدب التعامل مع النساء، بل يفتحون المؤسسات التربوية منذ سن الثالثة حتى لا تغامر الدولة بفرصة تهذيب الإنسان والتي تعد سن 3 ـ 7 أهم فتراتها كما تقول الدراسات التربوية. إن أمامنا واجبا عظيما تجاه النساء المعنفات، وهو واجب المؤسسات التربوية أولا.

azza@alwatan.com.sa