Al-Watan (Saudi)

رؤية 2030 ونظام الشراكة وليس المشاركة السياسية

Http://www.alwatan.com.sa/info/neqashat.htm

- ممدوح الشومان حخ سين وأدشهر

أحد أهم ركائز رؤية 2030 هو تنويع مصادر الدخل، وهذا بالتأكيد يعني مشاركة القطاع الخاص بقوة في الاقتصاد. إذاً، نحن أمام تحول جذري للقطاع الخاص الذي اعتاد الاعتماد كثيراً على القطاع العام لجني أرباحه. هذا التحول سيجعل من القطاع الخاص الموظِف الأول في المملكة، وبالتأكيد سيكبر هذا القطاع وتزداد تعقيداته. لكي يسهم الاقتصاد الرأسمالي في تنويع مصادر الدخل لا بد أن تفسح الحكومة للسوق المجال الحر وتظل هي من تقوم بعملها الرقابي والتنظيمي.

بالتأكيد في أدبيات الاقتصاد نجد من يريد تقليص دور الحكومة للدفاع فقط، أي الاقتصاد الليبرالي الجديد Neoliberal Economics، والآخرون يرون بضرورة تدخل الحكومة في كل مفاصل الاقتصاد، وهذا الاقتصاد الاشتراكي. المعني هنا في هذا المقال، والذي أؤيده، هو الاقتصاد الكينزي ‪Economics Keynesian‬ والذي يجعل تدخل الحكومة في الاقتصاد وقت الحاجة كما هو معمول في المملكة. رواد هذه النظرية يعارضون نظرية تعديل السوق بنفسه، أو كما قال آدم سميث »اليد الخفية« التي يعدل بها السوق بنفسه. السؤال المحوري لهذا المقال هو: ما هو نظام الشراكة السياسية، وما أهميته في رؤية 2030 ؟

نعم، إنه نظام شراكة سياسية ‪Political Corporatis­m‬ وليس مشاركة سياسية. يعرف هذا النظام في أدبيات العلوم السياسية بشقين، شق سياسي وشق اقتصادي. الشق الاقتصادي هو نظام علاقات تجارية وصناعية تعتمد على جماعات مصلحة اقتصادية ‪Interest Groups‬ للتنسيق فيما بينهم وبين الحكومة.

سياسياً، يعّرف هذا النظام بأنه عملية إدماج الطبقة العاملة والتجار في تجهيز أو تنفيذ السياسات العامة للدولة. فسمي بالشراكة السياسية لأنه يمثل مصالح الأفراد الاقتصادية بإعطاء حق سياسي يتمثل بحق التصويت في القرارات التي تمس مصالحهم. قد يقال إن هذا النظام يوجد لدينا في المملكة متمثلاً بالغرف التجارية، وعندما ننظر لنظام الغرف التجارية المعمول به في المملكة، نجد أن الغرف التجارية خاضعة لوزير التجارة والاستثمار. وأقول إن ميزة نظام الشراكة السياسية أنه يجعل لممثلي العمال والتجار حقا نظاميا مكتوبا يعطي حق التصويت لأي مشروع حكومي معني بمصالح من يمثلون، وليس تقديم الاستشارات فقط. هنا ضَمن هذا النظام مصالح موظفي القطاع الخاص والتجار معاً بحق تصويت نظامي لكي لا يكون للوزير المعني التعامل معهم كمستشارين فقط، والقرار النهائي له لوحده. على سبيل المثال، لو طُبق هذا النظام في المملكة للمساهمة في إنجاح رؤية 2030 سنجد في مجال السياحة موظفي القطاع وأصحاب المنشآت السياحية وأصحاب الفنادق يشكلون مجموعة تمثلهم في أي قرار حكومي يصدر من هيئة السياحة أو وزارة العمل أو وزارة التجارة. هنا نرى أنه لا حكر لمصلحة التاجر للإدلاء بمشورته، ولا تفرد الوزير المعني بالقرار، وإنما حق تصويت نظامي لممثلي القطاع الخاص في الوزارة المعنية.

ميزة المشاركة هنا هي توزيع مسؤولية تبعات القرارات الاقتصادية بين الوزارات المعنية والغرف التجارية معاً. هذه العملية تقلل من إلقاء عاتق المسؤولية واللوم على الحكومة، بحكم أنها تسيطر على القرارات الاقتصادية وحدها، وتتوزع تلك المسؤولية على أصحاب المهن. ولنا في المثل الشعبي »أعطي الخبز خبازه« خير مثال، حيث إن صاحب الصنعة أدرى بصنعته، وأفضل طريقة لتيسير عمله هي إعطاؤه حقا في المشاركة بالقرارات المتعلقة بصنعته.

هذا النظام أثبت جدارته في بعض الدول الأوروبية، وبالتحديد هولندا، وسميت بنظام السياسة الهولندية ‪Dutch Politics‬ . وفي مملكة الدنمارك والنرويج، يعمل بهذا النظام لرسم وتنفيذ السياسة العامة في المملكتين. في الأخير، نحن نطمح في إنجاح رؤية 2030، وكما نريد تنمية القطاع الخاص وجعله الأكثر جذباً لتوظيف المواطنين، نرى أن نظام الشراكة السياسية يعطي حق الشراكة النظامي للمواطنين في هذا القطاع بأن يكون لهم ممثلون يصوتون لمصالحهم الاقتصادية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia