Al-Watan (Saudi)

الحاجة ماسة لهيئة عليا مستقلة عن الوزارة تتبعها لجان متخصصة تتولى مسؤولية »تقويم التعليم« بمختلف مستوياته ومخرجاته ومضامينه، بحيث تتشكل من النخبة التعليمية والتربوية والإدارية ومن المستشارين المتخصصين

-

وذلك كجزء من تنفيذ مستهدفات استراتيجية تربوية وطنية بتطوير مواردنا البشرية وتأهيلها، لعدم إمكانية قبول كثير من خريجي الثانوية العامة ضمن الجامعات الحكومية، فكان الخيار دعم تعليم أبنائنا داخلياً، بتحمل الوزارة دفع الرسوم المستحقة للجامعات الخاصة، بالإضافة إلى ما تجده تلك من دعم رسمي، والذي دفع بالقطاع الخاص إلى التوجه نحو إنشاء الجامعات الخاصة أو الكليات كمشاريع استثمارية تجارية (معظمها) دون اعتبار للتقيد والالتزام بمعايير علمية نوعاً وجودة في أدائها وبالتالي في مخرجاتها، والمبني على مسؤولية وزارة التعليم بوضعه كضوابط علمية محددة، وبها تكفل جودة بهذه البساطة والارتجالي­ة دون إدراك لحجم المسؤولية والخسارة الوطنية التي تترتب على هكذا سياسات وإجراءات؟! وباستشعار ما نعانيه من نقص كبير في كوادرنا الصحية المواطنة، فإنه من البديهي أن تكون سياستنا مدروسة وإجراءاتنا حكيمة في احتواء تلك المخرجات، بعد أن بذلنا المال لتمكينها باستكمال مسيرتها التعليمية والتخصصية، حتى وإن تطلب ذلك التعاون مع وزارة الصحة في ذلك الشأن بعد أن وصل الطلاب لمرحلة الامتياز، إذ إن معالجة ضعف التخطيط وغياب الضوابط والمتابعة من الوزارة للتعليم الخاص داخلياً أو خارجياً كذلك لا يتحمله الطلاب بعد تخرجهم، وإنما تتحمله وزارة التعليم بموافقتها ودعمها لدراستهم بدايةً، فهي المعنية والمسؤولة عن ذلك الضعف في المخرجات لغياب ضوابطها الحاكمة لذلك، فعليها إدارة هكذا مخرجات بالتأهيل النوعي المضاف لتحسين الجودة واستكمال التأهيل، بالتعاون مع الجامعات المتميزة ووزارة الصحة التي ستكون الجهة التي ستحتويهم مستقبلاً وليكونوا استثمارها الوطني.

وإذا لم يتم ضبط منظومة التعليم بكافة مؤسساتها ومحتواها وفق ضوابط علمية ومعايير محددة يمكن قياسها من خلال مؤشرات مختلفة تناسب جميع مضامينها من سياسات وبرامج مختلفة تتعلق بالنظام الإداري والكادر التعليمي والمناهج التربوية والبيئة التعليمية الملائمة، وبما يمكن به ضبط أداء ذلك جميعه علمياً وتقييم مخرجاته مهنياً وتربوياً؛ وعليه تجري المساءلة والمحاسبة على مستوى الإنجازات والإخفاقات معاً، فإنه لا يمكننا أن ننهض بالتعليم ومخرجاته، كما لا يمكننا تنظيم وتطوير مؤسساتنا التعليمية على اختلاف مستوياتها، بل ستتراكم السلبيات والإخفاقات تباعاً. وختاماً فالحاجة ماسة لهيئة عليا مستقلة عن الوزارة تتبعها لجان متخصصة تتولى مسؤولية »تقويم التعليم« بمختلف مستوياته ومخرجاته ومضامينه، بحيث تتشكل من النخبة التعليمية والتربوية والإدارية ومن المستشارين المتخصصين، ولا يمنع ذلك من الاستفادة من تجارب الدول التي عالجت إشكاليات كهذه، وارتقت بالتعليم ومخرجاته بما ساهم في تحقيق نهضتها التنموية ومسيرتها الوطنية المأمولة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia